وقال آخر (?):
وَقَدْ رَابَنِي مِنْهَا صُدُودٌ رَأَيْتُهُ ... وَإِعْرَاضُهَا عَنْ حاجتي وبسؤرها
وَقِيلَ: إِنَّ ظُهُورَ الْعُبُوسِ فِي الْوَجْهِ بَعْدَ الْمُحَاوَرَةِ، وَظُهُورُ الْبُسُورِ فِي الْوَجْهِ قَبْلَ الْمُحَاوَرَةِ. وَقَالَ قَوْمٌ: بَسَرَ وَقَفَ لَا يَتَقَدَّمُ وَلَا يَتَأَخَّرُ. قَالُوا: وَكَذَلِكَ يَقُولُ أَهْلُ الْيَمَنِ إِذَا وَقَفَ الْمَرْكَبُ، فَلَمْ يَجِئْ وَلَمْ يَذْهَبْ: قَدْ بَسَرَ الْمَرْكَبُ، وَأَبْسَرَ أَيْ وَقَفَ وَقَدْ أَبْسَرْنَا. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: وَجْهٌ بَاسِرٌ بَيِّنُ الْبُسُورِ: إِذَا تَغَيَّرَ وَاسْوَدَّ. ثُمَّ أَدْبَرَ أَيْ وَلَّى وَأَعْرَضَ ذَاهِبًا إِلَى أَهْلِهِ. وَاسْتَكْبَرَ أَيْ تَعَظَّمَ عَنْ أَنْ يُؤْمِنَ. وَقِيلَ: أَدْبَرَ عَنِ الْإِيمَانِ وَاسْتَكْبَرَ حِينَ دُعِيَ إِلَيْهِ. فَقالَ إِنْ هَذَا أَيْ مَا هَذَا الَّذِي أَتَى بِهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ أَيْ يَأْثِرُهُ عَنْ غَيْرِهِ. وَالسِّحْرُ: الْخَدِيعَةُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي سُورَةِ (الْبَقَرَةِ) (?). وَقَالَ قَوْمٌ: السِّحْرُ: إِظْهَارُ الْبَاطِلِ فِي صُورَةِ الْحَقِّ. وَالْأَثَرَةُ: مَصْدَرُ قَوْلِكَ: أَثَرْتُ الْحَدِيثَ آثِرُهُ إِذَا ذَكَرْتُهُ عَنْ غَيْرِكَ، وَمِنْهُ قِيلَ: حَدِيثٌ مَأْثُورٌ: أَيْ يَنْقُلُهُ خَلَفٌ عَنْ سَلَفٍ، قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ (?):
وَلَوْ عَنْ نَثَا غَيْرِهِ جَاءَنِي ... وَجُرْحُ اللِّسَانِ كَجُرْحِ الْيَدِ
لَقُلْتُ مِنَ الْقَوْلِ مَا لَا يَزَا ... لُ يُؤْثَرُ عَنِّي يَدَ الْمُسْنَدِ
يُرِيدُ: آخِرَ الدَّهْرِ، وَقَالَ الْأَعْشَى:
إِنَّ الَّذِي فِيهِ تَمَارَيْتُمَا (?) ... بُيِّنَ لِلسَّامِعِ وَالْآثِرِ
وَيُرْوَى: بَيَّنَ. (إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ) أَيْ مَا هَذَا إِلَّا كَلَامُ الْمَخْلُوقِينَ، يَخْتَدِعُ بِهِ الْقُلُوبَ كَمَا تُخْتَدَعُ بِالسِّحْرِ، قَالَ السُّدِّيُّ: يَعْنُونَ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ سَيَّارٍ (?) عَبْدٍ لِبَنِي الْحَضْرَمِيِّ، كَانَ يُجَالِسُ النَّبِيَّ