تفسير القرطبي (صفحة 4173)

أَيْضًا، فَإِنَّ الْعُدُولَ عَنِ الْحَقِيقَةِ إِلَى الْمَجَازِ يَقْتَضِي الْعَجْزَ عَنِ الْحَقِيقَةِ، وَهُوَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مُحَالٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ" (?) [النور: 24] وقال تعالى:" وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ 50: 30" (?) [ق: 30] وَقَالَ تَعَالَى:" إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً" (?) [الفرقان: 12] وقال تعالى:" تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى 70: 17" (?) [المعارج: 17] وَ (اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا) (وَاحْتَجَّتِ النَّارُ وَالْجَنَّةُ) وَمَا كَانَ مِثْلُهَا حَقِيقَةً، وَأَنَّ خَالِقَهَا الذي أنطق كل شي أَنْطَقَهَا. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ وَيُقَالُ لِفَخِذِهِ انْطِقِي فَتَنْطِقُ فَخِذُهُ وَلَحْمُهُ وَعِظَامُهُ بِعَمَلِهِ وَذَلِكَ لِيُعْذَرَ (?) مِنْ نَفْسِهِ وَذَلِكَ الْمُنَافِقُ وَذَلِكَ الَّذِي يَسْخَطُ اللَّهُ عَلَيْهِ). هَذَا فِي الْآخِرَةِ. وَأَمَّا فِي الدُّنْيَا، فَفِي الترمذي عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُكَلِّمَ السباع الانس وَحَتَّى تُكَلِّمَ الرَّجُلَ عَذَبَةُ سَوْطِهِ وَشِرَاكُ نَعْلِهِ وَتُخْبِرُهُ فَخِذُهُ بِمَا أَحْدَثَ أَهْلُهُ مِنْ بَعْدِهِ) [قَالَ أَبُو عِيسَى (?)]: وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَهَذَا حَدِيثٌ حسن غريب. السابعة- قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَأَقامَهُ) قِيلَ: هَدَمَهُ ثُمَّ قَعَدَ يبنيه. فَقَالَ مُوسَى لِلْخَضِرِ:" لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً" لِأَنَّهُ فِعْلٌ يَسْتَحِقُّ أَجْرًا. وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ الْأَنْبَارِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَرَأَ:" فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَهَدَمَهُ ثُمَّ قَعَدَ يَبْنِيهِ" قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا الْحَدِيثُ إِنْ صَحَّ سَنَدُهُ فَهُوَ جَارٍ مِنَ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَجْرَى التَّفْسِيرِ لِلْقُرْآنِ، وَأَنَّ بَعْضَ النَّاقِلِينَ أَدْخَلَ [تَفْسِيرَ (?)] قُرْآنٍ فِي مَوْضِعٍ فَسَرَى أَنَّ ذَلِكَ قُرْآنٌ نَقَصَ مِنْ مُصْحَفِ عُثْمَانَ، عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُ الطَّاعِنِينَ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: مَسَحَهُ بِيَدِهِ وَأَقَامَهُ فَقَامَ، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ الْأَشْبَهُ بِأَفْعَالِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، بَلْ وَالْأَوْلِيَاءِ، وَفِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ: إِنَّ سُمْكَ ذَلِكَ الْحَائِطِ كَانَ ثَلَاثِينَ ذِرَاعًا بِذِرَاعِ ذَلِكَ الْقَرْنِ، وَطُولُهُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ خَمْسُمِائَةِ ذراع، وعرضه خمسون ذراعا، فأقامه الخضر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015