أَتَنْتَهُونَ وَلَا يَنْهَى ذَوِي شَطَطٍ (?) ... كَالطَّعْنِ يَذْهَبُ فِيهِ الزَّيْتُ وَالْفُتُلُ
فَأَضَافَ النَّهْيَ إِلَى الطَّعْنِ. وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الْآخَرِ:
يُرِيدُ الرُّمْحُ صَدْرَ أَبِي بَرَاءٍ ... وَيَرْغَبُ عَنْ دِمَاءِ بَنِي عَقِيلِ
وَقَالَ آخَرُ:
إِنَّ دَهْرًا يُلِفُّ شَمْلِي بِجُمْلٍ ... لَزَمَانِ يَهُمُّ بِالْإِحْسَانِ
وَقَالَ آخَرُ:
فِي مَهْمَهٍ فلقت به هاماتها ... فلق الفئوس إِذَا أَرَدْنَ نُصُولًا
أَيْ ثُبُوتًا فِي الْأَرْضِ، مِنْ قَوْلِهِمْ: نَصَلَ السَّيْفُ إِذَا ثَبَتَ فِي الرمية، فشبه وقع السيوف على رؤوسهم بوقع الفئوس فِي الْأَرْضِ، فَإِنَّ الْفَأْسَ يَقَعُ فِيهَا وَيَثْبُتُ لَا يَكَادُ يَخْرُجُ. وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:
لَوْ أَنَّ اللُّؤْمَ يُنْسَبُ كَانَ عَبْدًا ... قَبِيحَ الْوَجْهِ أَعْوَرَ مِنْ ثَقِيفِ
وَقَالَ عَنْتَرَةُ:
فَازْوَرَّ مِنْ وَقْعِ الْقَنَا بِلَبَانِهِ ... وَشَكَا إِلَيَّ بِعَبْرَةٍ وَتَحَمْحُمِ
وَقَدْ (?) فَسَّرَ هَذَا الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ:
لَوْ كَانَ يَدْرِي مَا الْمُحَاوَرَةُ اشْتَكَى
وَهَذَا فِي هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرٌ جِدًّا. وَمِنْهُ قَوْلُ النَّاسِ: إِنَّ دَارِي تَنْظُرُ إِلَى دَارِ فُلَانٍ. وَفِي الْحَدِيثِ: (اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا). وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى مَنْعِ الْمَجَازِ فِي الْقُرْآنِ، مِنْهُمْ أَبُو إسحاق الاسفرايني وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ الْأَصْبَهَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا، فَإِنَّ كَلَامَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَكَلَامَ رَسُولِهِ حَمْلُهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ أَوْلَى بِذِي الْفَضْلِ وَالدِّينِ، لِأَنَّهُ يَقُصُّ الْحَقَّ كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ. وَمِمَّا احْتَجُّوا بِهِ أَنْ قَالُوا: لَوْ خَاطَبْنَا اللَّهُ تَعَالَى بِالْمَجَازِ لَزِمَ وَصْفُهُ بأنه متجوز