قبل أن أنتهي من هذا اللقاء الطيب، اسمعوا هذه الأقوال دون تعليق: اثني عشر دليلاً من القرآن والسنة على أن النقاب حرام، والنقاب جريمة في حق الإسلام، علماء الإسلام يقولون: لا يوجد دليل واحد في الإسلام على وجود النقاب!! الله أكبر! أين ذهبتم بالأدلة الواضحة كالشمس؟! إنه الجهل والعناد، ولذا فهذه بعض الأدلة الواضحة والدالة على النقاب: الدليل الأول: ذهبت صفية زوجة النبي محمد صلى الله عليه وسلم إليه وهو معتكف، فخرج معها حتى يقلبها إلى بيتها، وهذا يشير إلى عدم جواز أن تسير المرأة بمفردها في الليل، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم من اعتكافه ليقلب زوجته إلى بيتها، ثم في الطريق رآه بعض الصحابة فانحرفوا عن طريقه، فقال: على رسلكم إنها زوجتي صفية، فقالوا: يا رسول الله! أنشك فيك؟ فقال: (إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، فخشيت أن يقذف في قلوبكم شيئاً)، وهنا محل الشاهد: فلو أن الصحابة نظروا إلى وجه صفية لعرفوها، ولما قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الكلام، لكن عندما كانت منتقبة لم يعرفها أحد.
الدليل الثاني: حديث الإفك، وذلك أن صفوان بن المعطل جاء خلف الركب في غزوة المريسيع فوجد عائشة زوجة النبي صلى الله عليه وسلم قد تخلفت عن الركب، ووجدها نائمة، فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، زوجة النبي محمد بمفردها، ثم قال صفوان: وكنت أعرفها قبل نزول آية الحجاب، أي: كان يعرفها بطولها وعرضها، أما الآن فما رآها؛ لأنها تلبس لباساً أسود، ولذلك قالت عائشة رضي الله عنها: رحم الله الأنصار لما نزلت آية الحجاب عمدن إلى مروطهن فشققنه ووضعنه على رءوسهن، وكأن على رءوسهن الغربان.
الدليل الثالث: قول عائشة رضي الله عنها: كنا نطوف فنرفع النقاب، فإذا التقينا بالرجال أسدلنا على وجوهنا.
قد يقول بعض المنتسبين إلى العلم: في هذا دليل على حرمة النقاب.
وهذا يدل على جهله؛ لأن مفهوم المخالفة: وإن لم تكن المرأة محرمة فتنتقب، لأن المحرمة لا تنتقب.
وقد يخرج جهبذ آخر من أصحاب العقول المستنيرة فيقول: أنت الآن تستدل بنصوص خاصة بزوجات رسول الله، ونحن نريد أدلة عامة! فنقول: يا عبد الله إن كان هذا في حق زوجات رسول الله وهن أطهر النساء، فمن باب أولى في حق غيرهن من نساء المؤمنين، قال تعالى: {ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [الأحزاب:53]، وأيضاً هناك ما يسمى في علم الأصول: خاص أريد به العموم، وعام أريد به الخصوص.
فيا قوم اتقوا الله في أنفسكم، وانظروا إلى تفسير القرآن العظيم في قوله: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ} [الأحزاب:59]، كيف فهم ابن مسعود، وابن عمر، وابن عباس، والتابعون من بعدهم هذه الآية؟ وكيف كان حال النساء في زمن النبي عليه الصلاة والسلام؟ فالشبهات التي أوردتموها مردودة عليكم، لكنني أقول: نعم، هناك خلاف بين العلماء في وجوب النقاب من عدمه، فمنهم من يرى أنه واجب، ومنهم من يرى أنه مستحب، لكن ما سمعنا أحداً يقول: إنه حرام، وإنه ليس من الإسلام، فهذا دين جديد، فمن أين جئتم به؟! وقد يستدل بعضهم برأي الشيخ الألباني في أنه ليس بواجب، لكنه يقول: إنه فضيلة، وأرى الوجوب في زمن الفتنة، وزوجاتي منتقبات.
وما قال الرجل: إنه حرام، فاتقوا الله في أنفسكم وكفاكم قلباً للحقائق، وهل انتهت الفواحش والمنكرات والأموال الضائعة والزواج العرفي، والزنا الذي عم حتى تفرغتم للحرب على النقاب؟! اللهم طهر قلوبنا من النفاق.
اللهم استر عورتنا، وآمن روعاتنا، ونسألك رضاك والجنة، نعوذ بك من سخطك والنار.
اللهم حجب نساءنا، وعليك بأصحاب القلوب المريضة فإنهم لا يعجزونك.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.
اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا.
اللهم بلغنا رمضان، اللهم يسر لنا قيامه، ويسر لنا صيامه، ويسر لنا فيه فعل الخيرات.
اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا، اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا.
ربنا لا تجعلنا فتنة للذين ظلموا، ولا تجعلنا جسوراً يعبر بها إلى جهنم.
آمين، آمين، آمين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.