ثانيًا: أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ليس كمِثْله شيءٌ، يَعنِي: لو فُرِض أن بَيْن القُرْب والعُلُوِّ تَناقُضًا في حقِّ المَخلوق فإن ذلك لا يَلزَم في حَقِّ الخالِق؛ لأنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ ليس كمِثْله شيء.

ولهذا نَقول: إنَّ الله تعالى يَنزِل إلى السماء الدُّنيا كلَّ ليلة، وهو مع ذلك مُستَوٍ على عَرْشه، لا تَقل: هذا محُال، تَقول: هذا محُال بالنِّسبة للمَخلوق. أمَّا بالنِّسبة للخالِق فيَجِب أن نُؤمِن بما أُخبِرنا به عن صِفاته وهو الاستِواء على العَرْش ونُزوله إلى السماء الدُّنيا، ونَقول: إنَّ هذا مُمكِن في حقِّ الخالِق.

ثالثًا: ممَّا نَجمَع فيه بين القُرْب والعُلُوِّ أنه قد يَكون الشيءُ عاليًا وهو قريب -حتى من المَخلوقات- مِثل القَمَر، فهو عالٍ لكنه قريب كأنه معَك، كأنه في المكان الذي أَنت فيه وَضوؤُه واصِلٌ إلى الأرض وهو في السماء، قال الشاعِر (?):

دَانٍ عَلَى أَيْدِي الْعُفَاةِ وَشَاسِعٍ ... عَنْ كُلِّ نِدٍّ فِي النَّدَى وَضَرِيبِ

كَالْبَدْرِ أَفْرَطَ فِي الْعُلُوِّ وَضْوْؤُهُ ... لِلْعُصْبَةِ السَّارِينَ جِدُّ قَرْيبِ

المهمُّ: أن إذا أَضاف الشيء إلى نَفْسه سَواءٌ كان فِعْلًا أو وَصْفًا فإنه لا يَجوز لنا العُدول عن تَحويل هذا الشيءِ المُضاف إلى الله إلى شيءٍ آخَرَ؛ لأننا إذا سلَكْنا ذلك احتَجَّ علينا أهلُ التأويل من المُعتَزِلة والأشاعِرة وقالوا: كيف تُؤوِّلون هذه الآيةَ وتُنكِرون علينا التَّأويل في آياتٍ أُخرى أو في نُصوصٍ أُخرى؟ ! فإذا قُلتَ لهم: إنَّ هذا يَمنَعه العَقْل. قالوا: ونحن نرَى أن ظواهِر الآيات أو الأحاديث يَمنَعها العَقْلُ! .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015