ذات الله تعالى، هذه القاعِدة ذكَرَها ابنُ القيِّم رَحِمَهُ اللهُ -في مخُتَصَر (الصواعِق) - يَقول: كلُّ فِعْل أو وَصْفٍ تَحمَّل ضَميرًا يَعود إلى الله عَزَّ وَجَلَّ فالمُراد به ذاتُ الله تعالى (?). لكن يَجِب أن يَكون في ذِهْنك تَنزُّه الله عَزَّ وَجَلَّ عمَّا لا يَليق به، فيَكون القُرْب هنا قُرْبَ رحمته، أو قُرْب عِلْمه، أو قُرْب سَمْعه أو بَصَره، أو قُرْب ذاته.
قوله تعالى: {قَرِيبٍ} هو أي: ذاتُه؛ ولهذا صرَّح ابن القَيِّم (?) رَحِمَهُ اللهُ بأنه قريب بذاته، لكن يَجِب أن تَعلَم أنه مع قُرْبه بذاته فهو مُستَوٍ على عَرْشه، حتى قال النبيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "إِنَّ الَّذِي تَدْعُونَ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكمْ مِنْ عُنُقِ رَاحِلَتِهِ" (?)، يَقوله وهُمْ راكِبون على رَواحِلهم، ولكن مع هذا يَجِب أن نُنَزِّهَ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عمَّا لا يَليق به، بحيث نَتَوهَّم أنه معَنا في المكان، هذا لا يُمكِن، بل هو قريبٌ بذاته مع عُلوِّه.
وقد ذكر هذا شَيخُ الإسلام ابنُ تَيميَّةَ رَحِمَهُ اللهُ في (العَقيدة الواسِطية) (?) قال: "هو عَليٌ في دُنُوِّه، قريب في عُلُوِّه"، ولا تَظُنَّ أن الجمْع بين القُرْب والعُلُوِّ فوقَ السمَوات مُتَناقِض:
أوَّلًا: لأنَّ الله تعالى جمَع بينهما لنفسه، ودَلَّ عليهما كِتاب الله تعالى، وكتاب الله عَزَّ وَجَلَّ لا يُمكِن أن يَدُلَّ على المُتَناقِض، قال تعالى: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء: 82].