قال المُفسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{قَالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ} فيجازيكم به]، يَعْنِي: أنتم فعلتُم كلَّ قبيحٍ، وقابلتموني بكلِّ إثمٍ صَريحٍ، ولكن الَّذي يَعْلَم ذلك هو اللهُ، وهو يُهَدِّدُهُمْ بلازِمِ العِلْمِ. ولهذا قال المُفسِّر: [فيجازيكم به].
قوله تعالى: {فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ} قال المُفسِّر: [هي سَحابةٌ أظَلَّتْهُم بعدَ حرٍّ شديدٍ أَصابَهم، فأمطرتْ عليهم نارًا، فاحْتَرَقُوا، {إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}] فهم - والعياذُ باللهِ - أُصيبوا بحرٍّ شديدٍ عظيمٍ جدًّا ما أطاقوهُ، فأنشأ اللهُ السَّحابة تُظِلُّهُمْ، فخرجوا من بلادهم عن بَكْرَةِ أَبيهم إلى هذا الظلِّ.
ولكن - والعياذُ باللهِ - لَمَّا وَصَلُوا وإذَا هي نارٌ - والعياذ بالله - أَحْرَقَتْهُمْ عن آخِرِهِم، وهذا من أشدّ ما يكون - والعياذُ باللهِ - منَ العذابِ؛ لأنَّهم جاءُوا هاربينَ من عذابٍ، فوَقَعُوا في أشدّ منه - والعياذُ باللهِ - فكَانوا حينما أقبلوا يظنُّون أنَّهم نَجَوْا من الحرِّ بهذه الظِّلال، ولكنه - والعياذ بالله - صارَ حَتْفَهم: {إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}.
ولهذا وصف الله عَزَّ وَجَلَّ {إِنَّهُ} أي: هذا العذاب {كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} فصدقَ اللهُ.
وهذه القَصَص عِبَرٌ في الحَقِيقَةِ، يَعْتَبِر بها الإِنْسانُ من عدَّة نواحٍ.
أولًا: يَعْلَم بها صبرَ الرُّسُلِ - عليهم الصلاةُ والسلامُ - وجَلَدَهُم، وإخلاصَهم للهِ، وأنَّهم لا يُبالون بما نالَهُمْ في ذاتِ اللهِ.
ثانيًا: يُعتبر بها في التَّسَلِّي بما أصابَ الرُّسُلَ؛ لأنَّ الإِنْسانَ يتسلَّى بما أصاب غيرَه، بأنْ يَصبِر هو على الدعوةِ إلى اللهِ، ولا يَمَلّ ولا يكِلّ؛ لأن العاقبةَ تكونُ