وهذه المسألة اختلف فيها العُلماءُ؛ هل يَبْذُلُ الإنسانُ كُلَّ مالِهِ في طاعَةِ الله وفي سبيل الله، أو يَقْتَصِرُ على بعضه؟
والصَّواب: أن ذلك يرجِعُ إلى حالِ الشَّخْصِ، وإلى الأسبابِ التي بها يَدْفَع الضَّرورَة عن نفسه وأَهْلِه، فإن كان الإنسانُ ضعيفَ التَّوَكُّلِ أو ضعيفَ القُدْرَة على التكسُّبِ، فالأَفْضَلُ أن يُنْفِقَ شيئًا من مالِهِ، وإن كان الأَمْرُ بالعكس فله أن يتصدَّقَ بِجَميعِ مالِهِ؛ كما فعل أبو بكرٍ - رضي الله عنه - (?)، أما أبو لُبابَةَ لمَّا نَذَرَ أن يَنْخَلِعَ من ماله صدقَةً لله ورَسُولِهِ، قال له الرَّسُولُ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ؛ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ" (?) فَجَعَلَ من الخير له أن يُمْسِكَ بَعْضَ المالِ.
وقو له تعالى: {يُنْفِقُونَ} الإنفاقُ يعني: البَذْل.
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَةُ الأُولَى: فَضيلَةُ قيام اللَّيلِ؛ لأنَّ الله تعالى ذكره في سياقِ المَدْحِ، فقال: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} لكنْ هذا الإطلاقُ مقيَّدٌ بما جاء في السُّنَّة؛ يعني بألَّا يكون جميعَ الليل، بل تتجافى جُنُوبُهم عن المضاجِعِ في حدود ما جاءت به السُّنَّة، وبهذا نَعْرِفُ خَطَأَ ما يوجد في كُتُبِ الوَعْظِ من أنَّ فُلانًا صلَّى صلاةَ الفَجْرِ بِوُضوءِ العِشاءِ أَرْبَعينَ سَنَةً! يعني: أنَّه ما نام اللَّيلَ بل يقوم اللَّيلَ، وهذا خطأٌ.