* * *
* قالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [السجدة: 16].
* * *
ثم بيَّنَ الله تعالى من صفاتهم ما بَيَّن بقوله رَحِمَهُ اللَّهُ: [{تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ} تَرْتَفِع] وتَبْتَعِد أيضًا لأنَّ المجافاةَ الإبعادُ، ومنه: "كان النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُجَافِي عَضُدَيْهِ فِي السُّجُودِ" (?) يعني: يُبْعِدُهُما عن جَنْبَيْه، فمعناه إذن: الإبعادُ والإرْتِفاعُ، والإرْتِفاعُ يَسْتَلْزِمُ البُعْدَ.
وقوله تعالى: {عَنِ الْمَضَاجِعِ} المضاجِعُ جَمْعُ مَضْجَعٍ، وهو مكان الإضْطِجاعِ والإضطجاع النَّوْمُ؛ يقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [مَوَاضِعُ الإضْطِجَاعِ بِفُرُشِهَا لِصَلَاتِهِمْ بِاللَّيْلِ تَهَجُّدًا] فلا ينامونَ؛ أي: تتجافى جنوبُهُم عن المضاجِعِ فلا ينامون، ولكنَّ هذا مُقَيَّدٌ بما جاءت به السُّنَّة: أنَّهُم يتَهَجَّدون ليس كلَّ اللَّيلِ، ولكِنِ الزَّمَنَ المَشْروعَ التهَجُّدُ فيه.
وقوله رَحِمَهُ اللَّهُ: {يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا} من عِقَابِهِ {وَطَمَعًا} في رَحْمَتِه].
يَدْعُون هذه جُمْلَةٌ حالِيَّة من فاعِلِ {تَتَجَافَى} أو من المضافِ إليه بـ {جُنُوبُهُمْ}