كَمَا: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ} [البقرة: 214] «وَتُصِيبُوا مِنْ ثَوَابِي الْكَرَامَةَ وَلَمْ أَخْتَبِرْكُمْ بِالشِّدَّةِ أَبْتَلِيَكُمْ بِالْمَكَارِهِ، حَتَّى أَعْلَمَ صِدْقَ ذَلِكَ مِنْكُمُ الْإِيمَانَ بِي وَالصَّبْرَ عَلَى مَا أَصَابَكُمْ فِيَّ» وَنَصَبَ {وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} [آل عمران: 142] عَلَى الصَّرْفِ، وَالصَّرْفُ أَنْ يَجْتَمِعَ فِعْلَانِ بِبَعْضِ حُرُوفِ النَّسَقِ، وَفِي أَوَّلِهِ مَا لَا يَحْسُنُ إِعَادَتُهُ مَعَ حَرْفِ النَّسَقِ، فَيُنْصَبُ الَّذِي بَعْدَ حَرْفِ الْعَطْفِ عَلَى الصَّرْفِ؛ لِأَنَّهُ مَصْرُوفٌ عَنْ مَعْنَى الْأَوَّلِ، وَلَكِنْ يَكُونُ مَعَ جَحْدٍ أَوِ اسْتِفْهَامٍ أَوْ نَهْيٍ فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ، وَذَلِكَ كَقَوْلِهِمْ: لَا يَسَعُنِي شَيْءٌ وَيَضِيقُ عَنْكَ؛ لِأَنَّ «لَا» الَّتِي مَعَ «يَسَعُنِي» لَا يَحْسُنُ إِعَادَتُهَا مَعَ قَوْلِهِ: «وَيَضِيقُ عَنْكَ» ، فَلِذَلِكَ نُصِبَ، وَالْقُرَّاءُ فِي هَذَا الْحَرْفِ عَلَى النَّصَبِ؛ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: (وَيَعْلَمِ الصَّابِرِينَ) فَيَكْسِرُ الْمِيمَ مِنْ «يَعْلَمِ» ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَنْوِي جَزْمَهَا عَلَى الْعَطْفِ بِهِ عَلَى قَوْلِهِ: {وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ} [آل عمران: 142]