الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهِدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} [آل عمران: 142] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثناؤُهُ: أَمْ حَسِبْتُمْ يَا مَعْشَرَ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ، وَظَنَنْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ، وَتَنَالُوا كَرَامَةَ رَبِّكُمْ، وَشَرَفَ الْمَنَازِلِ عِنْدَهُ؛ {وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ} [آل عمران: 142] يَقُولُ: وَلَمَّا يَتَبَيَّنْ لِعِبَادِي الْمُؤْمِنِينَ، الْمُجَاهِدُ مِنْكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، عَلَى مَا أَمَرَهُ بِهِ، وَقَدْ بَيَّنْتُ مَعْنَى قَوْلِهِ: {وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ} [آل عمران: 142] وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ بِأَدِلَّتِهِ فِيمَا مَضَى بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ وَقَوْلُهُ: {وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} [آل عمران: 142] يَعْنِي الصَّابِرِينَ عِنْدَ الْبَأْسِ عَلَى مَا يَنَالُهُمْ فِي ذَاتِ اللَّهِ مِنْ جَرْحٍ وَأَلَمٍ وَمَكْرُوهٍ