ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: {كَدَأَبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ} [آل عمران: 11] «ذَكَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَأَفْعَالَ تَكْذِيبِهِمْ كَمِثْلِ تَكْذِيبِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فِي الْجُحُودِ وَالتَّكْذِيبِ» -[237]- وَأَصْلُ الدَّأْبِ مِنْ دَأَبْتِ فِي الْأَمْرِ دَأَبًا: إِذَا أَدْمَنْتُ الْعَمَلَ وَالتَّعَبَ فِيهِ. ثُمَّ إِنَّ الْعَرَبَ نَقَلَتْ مَعْنَاهُ إِلَى الشَّأْنِ وَالْأَمْرِ وَالْعَادَةِ كَمَا قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ بْنُ حُجْرٍ:
[البحر الطويل]
وَإِنَّ شِفَائِي عَبْرَةٌ مُهَرَاقَةٌ ... فَهَلْ عِنْدَ رَسْمٍ دَارِسٍ مِنْ مُعَوَّلِ
كَدَأْبِكَ مِنْ أُمِّ الْحُوَيْرِثِ قَبْلَهَا ... وَجَارَتِهَا أُمِّ الرَّبَابِ بِمَأْسَلِ
يَعْنِي بِقَوْلِهِ كَدَأْبِكَ: كَشَأْنِكَ وَأَمْرِكَ وَفِعْلِكَ، يُقَالُ مِنْهُ: هَذَا دَأْبِي وَدَأْبُكَ أَبَدًا، يَعْنِي بِهِ فِعْلِي وَفِعْلَكَ وَأَمْرِي وَأَمْرَكَ، وَشَأْنِي وَشَأْنَكَ، يُقَالُ مِنْهُ: دَأَبْتُ دُؤُوبًا وَدَأَبًا، وَحُكِيَ عَنِ الْعَرَبِ سَمَاعًا: دَأَبْتُ دَأَبًا مُثَقَّلَةً مُحَرَّكَةَ الْهَمْزَةِ، كَمَا قِيلَ: هَذَا شَعَرٌ وَبَهَرٌ، فَتَحَرَّكَ ثَانِيهِ؛ لِأَنَّهُ حَرْفٌ مِنَ الْحُرُوفِ السِّتَّةِ، فَأُلْحِقَ الدَّأْبُ إِذْ كَانَ ثَانِيهِ مِنَ الْحُرُوفِ السِّتَّةِ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الطويل]
لَهُ نَعَلٌ لَا يَطَّبِي الْكَلْبَ رِيحُهَا ... وَإِنْ وُضِعَتْ بَيْنَ الْمَجَالِسِ شُمَّتِ
وَأَمَّا قَوْلُهُ {وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [آل عمران: 11] فَإِنَّهُ يَعْنِي بِهِ: وَاللَّهُ شَدِيدٌ عِقَابُهُ لِمَنْ كَفَرَ بِهِ وَكَذَّبَ رُسُلَهُ بَعْدَ قِيَامِ الْحِجَّةِ عَلَيْهِ