حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ، قَوْلُهُ: {الْحَيُّ} [آل عمران: 2] قَالَ: يَقُولُ: «حَيٌّ لَا يَمُوتُ» -[177]- وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى {الْحَيُّ} [آل عمران: 2] الَّذِي عَنَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَوَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ , أَنَّهُ الْمُتَيَسِّرُ لَهُ تَدْبِيرُ كُلِّ مَا أَرَادَ وَشَاءَ , لَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ شَيْءٌ أَرَادَهُ , وَأَنَّهُ لَيْسَ كَمَنْ لَا تَدْبِيرَ لَهُ مِنَ الْآلِهَةِ وَالْأَنْدَادِ وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: أَنَّ لَهُ الْحَيَاةَ الدَّائِمَةَ الَّتِي لَمْ تَزَلْ لَهُ صِفَةً , وَلَا تَزَالُ كَذَلِكَ. وَقَالُوا: إِنَّمَا وَصَفَ نَفْسَهُ بِالْحَيَاةِ , لِأَنَّ لَهُ حَيَاةً كَمَا وَصَفَهَا بِالْعِلْمِ لِأَنَّ لَهَا عِلْمًا , وَبِالْقُدْرَةِ لِأَنَّ لَهَا قُدْرَةً. وَمَعْنَى ذَلِكَ عِنْدِي: أَنَّهُ وَصَفَ نَفْسَهُ بِالْحَيَاةِ الدَّائِمَةِ الَّتِي لَا فَنَاءَ لَهَا وَلَا انْقِطَاعَ , وَنَفَى عَنْهَا مَا هُوَ حَالٌّ بِكُلِّ ذِي حَيَاةٍ مِنْ خَلْقِهِ , مِنَ الْفَنَاءِ وَانْقِطَاعِ الْحَيَاةِ عِنْدَ مَجِيءِ أَجَلِهِ , فَأَخْبَرَ عِبَادَهُ أَنَّهُ الْمُسْتَوْجِبُ عَلَى خَلْقِهِ الْعِبَادَةَ وَالْأُلُوهَةَ , وَالْحَيُّ الَّذِي لَا يَمُوتُ , وَلَا يَبِيدُ كَمَا يَمُوتُ كُلُّ مَنِ اتَّخَذَ مِنْ دُونِهِ رَبًّا , وَيَبِيدُ كُلُّ مَنِ ادَّعَى مِنْ دُونِهِ إِلَهًا , وَاحْتَجَّ عَلَى خَلْقِهِ بِأَنَّ مَنْ كَانَ يَبِيدُ فَيَزُولُ وَيَمُوتُ فَيَفْنَى , فَلَا يَكُونُ إِلَهًا يَسْتَوْجِبُ أَنْ يُعْبَدَ دُونَ الْإِلَهِ الَّذِي لَا يَبِيدُ وَلَا يَمُوتُ , وَأَنَّ الْإِلَهَ هُوَ الدَّائِمُ الَّذِي لَا يَمُوتُ، وَلَا يَبِيدُ، وَلَا يَفْنَى , وَذَلِكَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ