الْقَوْلُ تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} [البقرة: 286] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثناؤُهُ: قُولُوا: رَبَّنَا لَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا: يَعْنِي بِالْإِصْرِ الْعَهْدَ، كَمَا قَالَ جَلَّ ثناؤُهُ: {قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي} [آل عمران: 81] وَإِنَّمَا عَنَى بِقَوْلِهِ: {وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا} [البقرة: 286] وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا عَهْدًا فَنَعْجَزُ عَنِ الْقِيَامِ بِهِ وَلَا نَسْتَطِيعُهُ {كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} [البقرة: 286] يَعْنِي عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى الَّذِينَ كُلِّفُوا أَعْمَالًا وَأُخِذَتْ عُهُودُهُمْ وَمَوَاثِيقُهُمْ عَلَى الْقِيَامِ بِهَا، فَلَمْ يَقُومُوا بِهَا، فَعُوجِلُوا بِالْعُقُوبَةِ، فَعَلَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّغْبَةَ إِلَيْهِ بِمَسْأَلَتِهِ أَنْ لَا يَحْمِلَهُمْ مِنْ عُهُودِهِ وَمَوَاثِيقِهِ عَلَى أَعْمَالٍ أَنْ ضَيَّعُوهَا أَوْ أَخْطَئُوا فِيهَا أَوْ نَسُوهَا مِثْلَ الَّذِي حَمَّلَ مَنْ قَبْلَهُمْ، فَيَحِلُّ بِهِمْ بِخَطَئِهِمْ فِيهِ وَتَضْيِيعِهِمْ إِيَّاهُ مِثْلَ الَّذِي أَحَلَّ بِمَنْ قَبْلَهُمْ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ