القول في تأويل قوله تعالى: وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير يعني بذلك جل ثناؤه: وقال الكل من المؤمنين: سمعنا قول ربنا، وأمره إيانا بما أمرنا به، ونهيه عما نهانا عنه، وأطعنا يعني أطعنا ربنا فيما ألزمنا من فرائضه، واستعبدنا به من طاعته،

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة: 285] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثناؤُهُ: وَقَالَ الْكَلُّ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ: {سَمِعْنَا} [البقرة: 93] قَوْلَ رَبِّنَا، وَأَمْرَهُ إِيَّانَا بِمَا أَمَرَنَا بِهِ، وَنَهْيَهُ عَمَّا نَهَانَا عَنْهُ، {وَأَطَعْنَا} [البقرة: 285] يَعْنِي أَطَعْنَا رَبَّنَا فِيمَا أَلْزَمَنَا مِنْ فَرَائِضِهِ، وَاسْتعَبْدَنَا بِهِ مِنْ طَاعَتِهِ، وَسَلَّمْنَا لَهُ: وَقَوْلُهُ: {غُفْرَانَكَ رَبَّنَا} [البقرة: 285] يَعْنِي: وَقَالُوا: غُفْرَانَكَ رَبَّنَا، بِمَعْنَى: اغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا غُفْرَانَكَ، كَمَا يُقَالُ: سُبْحَانَكَ، بِمَعْنَى نُسَبِّحُكَ سُبْحَانَكَ. وَقَدْ بَيَّنَّا فِيمَا مَضَى أَنَّ الْغُفْرَانَ وَالْمَغْفِرَةَ: السِّتْرُ مِنَ اللَّهِ عَلَى ذُنُوبِ مَنْ غَفَرَ لَهُ، وَصَفْحُهُ لَهُ عَنْ هَتْكِ سِتْرِهِ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَعَفْوُهُ عَنِ الْعُقُوبَةِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: {وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة: 285] فَإِنَّهُ يَعْنِي جَلَّ ثناؤُهُ أَنَّهُمْ قَالُوا: وَإِلَيْكَ يَا رَبَّنَا مَرْجُعَنَا وَمَعَادُنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا. فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ: فَمَا الَّذِي نَصَبَ قَوْلَهَ: {غُفْرَانَكَ} [البقرة: 285] ؟ قِيلَ لَهُ: وقُوعُهُ وَهُوَ مَصْدَرٌ مَوْقِعَ الْأَمْرِ، وَكَذَلِكَ تَفْعَلُ الْعَرَبُ بِالْمَصَادِرِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015