القول في تأويل قوله تعالى: وأقوم للشهادة يعني بذلك جل ثناؤه: وأصوب للشهادة، وأصله من قول القائل: أقمته من عوجه، إذا سويته فاستوى. وإنما كان الكتاب أعدل عند الله وأصوب لشهادة الشهود على ما فيه؛ لأنه يحوي الألفاظ التي أقر بها البائع والمشتري ورب

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ} [البقرة: 282] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثناؤُهُ: وَأَصْوَبُ لِلشَّهَادَةِ، وَأَصْلُهُ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: أَقَمْتُهُ مِنْ عِوَجِهِ، إِذَا سَوَّيْتُهُ فَاسْتَوَى. وَإِنَّمَا كَانَ الْكِتَابُ أَعْدَلَ عِنْدَ اللَّهِ وَأَصْوَبَ لِشَهَادَةِ الشُّهُودِ عَلَى مَا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يَحْوِي الْأَلْفَاظَ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي وَرَبُّ الدَّيْنِ وَالْمُسْتَدِينُ عَلَى نَفْسِهِ، فَلَا يَقَعُ بَيْنَ الشُّهُودِ اخْتِلَافٌ فِي أَلْفَاظِهِمْ بِشَهَادَتِهِمْ لِاجْتِمَاعِ شَهَادَتِهِمْ عَلَى مَا حَوَاهُ الْكِتَابُ، وَإِذَا اجْتَمَعَتْ شَهَادَتُهُمْ عَلَى ذَلِكَ، كَانَ فَصْلُ الْحُكْمِ بَيْنَهُمْ أَبْيَنَ لِمَنِ احْتَكَمَ إِلَيْهِ مِنَ الْحُكَّامِ، مَعَ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَسْبَابِ، وَهُوَ أَعْدَلُ عِنْدَ اللَّهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَمَرَ بِهِ، وَاتِّبَاعُ أَمْرِ اللَّهِ لَا شَكَّ أَنَّهُ عِنْدَ اللَّهِ أَقْسَطُ وَأَعْدَلُ مِنْ تَرْكِهِ وَالِانْحِرَافِ عَنْهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015