وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ أَنْكَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ حَمْدَ الْإِنْسَانِ رَبَّهُ عَلَى نِعَمِهِ دُونَ فَقْرِهِ، وَشَكْوَاهُ الْفَاقَةَ وَقَالُوا: مَعْنَى الْكَلَامِ: كَلَّا، أَيْ لَمْ يَكُنْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَكَذَا، وَلَكِنْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَحْمَدَهُ عَلَى الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا، عَلَى الْغِنَى وَالْفَقْرِوَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ: الْقَوْلُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ قَتَادَةَ لِدَلَالَةِ قَوْلِهِ {بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ} [الفجر: 17] وَالْآيَاتِ الَّتِي بَعْدَهَا، عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا أَهَانَ مَنْ أَهَانَ بِأَنَّهُ لَا يُكْرِمُ الْيَتِيمَ، وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ، وَسَائِرُ الْمَعَانِي الَّتِي عَدَّدَ، وَفِي إِبَانَتِهِ عَنِ السَّبَبِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ أَهَانَ مَنْ أَهَانَ، الدَّلَالَةَ الْوَاضِحَةَ عَلَى سَبَبِ تَكْرِيمِهِ مَنْ أَكْرَمَ، وَفِي تَبْيِينِهِ ذَلِكَ عُقَيْبَ قَوْلِهِ: {فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنْ وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنْ} [الفجر: 16] بَيَانٌ وَاضِحٌ عَنِ الَّذِي أَنْكَرَ مِنْ قَوْلِهِ مَا وَصَفْنَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015