الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {إِنْ} [البقرة: 6] هَذَا الْقُرْآنُ، وَقَوْلُهُ: {هُوَ} [البقرة: 29] مِنْ ذِكْرِ الْقُرْآنِ {إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ} [يوسف: 104] يَقُولُ: إِلَّا تَذْكِرَةً وَعِظَةً لِلْعَالَمِينَ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ. {لِمَنْ -[172]- شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ} [التكوير: 28] فَجَعَلَ ذَلِكَ تَعَالَى ذِكْرُهُ، ذِكْرًا لِمَنْ شَاءَ مِنَ الْعَالَمِينَ أَنْ يَسْتَقِيمَ، وَلَمْ يَجْعَلْهُ ذِكْرًا لِجَمِيعِهِمْ، فَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ} [المدثر: 37] إِبْدَالٌ مِنَ اللَّامِ فِي لِلْعَالَمِينَ. وَكَانَ مَعْنَى الْكَلَامِ: إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ عَلَى سَبِيلِ الْحَقِّ فَيَتَّبِعَهُ، وَيُؤْمَنَ بِهِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ