الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةَ أَيَّانَ مُرْسَاهَا فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا} [النازعات: 43] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَسْأَلُكَ يَا مُحَمَّدُ هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبُونَ بِالْبَعْثِ عَنِ السَّاعَةِ الَّتِي تُبْعَثُ فِيهَا الْمَوْتَى مِنْ قُبُورِهِمْ أَيَّانَ مُرْسَاهَا، مَتَى قِيَامُهَا وَظُهُورُهَا؟ وَكَانَ الْفَرَّاءُ يَقُولُ: إِنْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّمَا الْإِرْسَاءُ لِلسَّفِينَةِ، وَالْجِبَالُ الرَّاسِيَةُ وَمَا أَشْبَهَهُنَّ، فَكَيْفَ وَصَفَ السَّاعَةَ بِالْإِرْسَاءِ؟ قُلْتُ: هِيَ بِمَنْزِلَةِ السَّفِينَةِ إِذَا كَانَتْ جَارِيَةً فَرَسَتْ، وَرُسُوُّهَا: قِيَامُهَا؛ قَالَ: وَلَيْسَ قِيَامُهَا كَقِيَامِ الْقَائِمِ، إِنَّمَا هِيَ كَقَوْلِكَ: قَدْ قَامَ الْعَدْلُ، وَقَامَ الْحَقُّ: أَيْ ظَهَرَ وَثَبَتَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: يَقُولُ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ: {فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا} [النازعات: 43] يَقُولُ: فِي أَيِّ شَيْءٍ أَنْتَ مِنْ ذِكْرِ السَّاعَةِ وَالْبَحْثِ عَنْ شَأْنِهَا. وَذُكِرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُكْثِرُ ذِكْرَ السَّاعَةِ، حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ