وَقَوْلُهُ: {هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ} [المرسلات: 35] يُخْبِرُ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ لَا يَنْطِقُونَ فِي بَعْضِ أَحْوَالِ ذَلِكَ الْيَوْمِ، لَا أَنَّهُمْ لَا يَنْطِقُونَ ذَلِكَ الْيَوْمَ كُلَّهُ. فَإِنْ قَالَ: فَهَلْ مِنْ بُرْهَانٍ يُعْلَمُ بِهِ حَقِيقَةُ ذَلِكَ؟ قِيلَ: نَعَمْ، وَذَلِكَ إِضَافَةُ يَوْمٍ إِلَى قَوْلِهِ: {لَا يَنْطِقُونَ} [النمل: 85] وَالْعَرَبُ لَا تُضِيفُ الْيَوْمَ إِلَى فَعَلَ وَيَفْعَلُ، إِلَّا إِذَا أَرَادَتِ السَّاعَةَ مِنَ الْيَوْمِ وَالْوَقْتِ مِنْهُ، وَذَلِكَ كَقَوْلِهِمْ: آتِيكَ يَوْمَ يَقْدَمُ فُلَانٌ، وَأَتَيْتُكَ يَوْمَ زَارَكَ أَخُوكَ، فَمَعْلُومٌ أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ: أَتَيْتُكَ سَاعَةَ زَارَكَ، أَوْ آتِيَكَ سَاعَةَ يَقْدَمُ، وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ إِتْيَانُهُ إِيَّاهُ الْيَوْمَ كُلَّهُ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ أَخَذَ الْيَوْمَ كُلَّهُ لَمْ يُضَفِ الْيَوْمُ إِلَى فَعَلَ وَيَفْعَلُ، وَلَكِنْ فِعْلُ ذَلِكَ إِذْ كَانَ الْيَوْمُ بِمَعْنَى إِذْ وَإِذًا اللَّتَيْنِ يَطْلُبَانِ الْأَفْعَالَ دُونَ الْأَسْمَاءِ.