الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} [المؤمنون: 6] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} [المؤمنون: 5] يَعْنِي أَقْبَالَهُمْ حَافِظُونَ عَنْ كُلِّ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَضْعَهَا فِيهِ. إِلَّا أَنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فِي تَرْكِ حِفْظِهَا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ مِنْ إِمَائِهِمْ. وَقِيلَ: {لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ} [المؤمنون: 5] وَلَمْ يَتَقَدَّمْ ذَلِكَ جَحْدٌ لِدَلَالَةِ قَوْلِهِ: {فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} [المؤمنون: 6] عَلَى أَنَّ فِيَ الْكَلَامِ مَعْنَى جَحْدٍ، وَذَلِكَ كَقَوْلِ الْقَائِلِ: اعْمَلْ مَا بَدَا لَكَ إِلَّا عَلَى ارْتِكَابِ الْمَعْصِيَةِ، فَإِنَّكَ مُعَاقَبٌ عَلَيْهِ، وَمَعْنَاهُ: اعْمَلْ مَا بَدَا لَكَ إِلَّا أَنَّكَ مُعَاقَبٌ عَلَى ارْتِكَابِ الْمَعْصِيَةِ.