حَدَّثَنِي عَلِيٌّ قَالَ: ثَنَا أَبُو صَالِحٍ قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49] قَالَ: «خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ بِقَدَرٍ، وَخَلَقَ لَهُمُ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ بِقَدَرٍ، فَخَيْرُ الْخَيْرِ السَّعَادَةُ، وَشَرُّ الشَّرِّ الشَّقَاءُ، بِئْسَ الشَّرُّ الشَّقَاءُ» وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي وَجْهِ نَصْبِ قَوْلِهِ: {كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49] فَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرَةِ: نَصَبَ كُلَّ شَيْءِ فِي لُغَةِ مَنْ قَالَ: عَبْدَ اللَّهِ ضَرَبْتُهُ؛ قَالَ: وَهِيَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ كَثِيرٌ قَالَ: وَقَدْ رُفِعَتْ كُلُّ فِي لُغَةِ مَنْ رَفَعَ، وَرُفِعَتْ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ قَالَ {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49] فَجَعَلَ خَلَقْنَاهُ مِنْ صِفَةِ الشَّيْءِ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: إِنَّمَا نَصَبَ كُلَّ لِأَنَّ قَوْلَهُ خَلَقْنَاهُ فِعْلٌ، لِقَوْلِهِ «إِنَّا» ، وَهُوَ أَوْلَى بِالتَّقْدِيمِ إِلَيْهِ مِنَ الْمَفْعُولِ، فَلِذَلِكَ اخْتِيرَ النَّصْبُ، وَلَيْسَ قِيلُ عَبْدِ اللَّهِ فِي قَوْلِهِ: عَبْدَ اللَّهِ ضَرَبْتُهُ شَيْءٌ هُوَ أَوْلَى بِالْفِعْلِ، وَكَذَلِكَ إِنَّا طَعَامَكَ أَكَلْنَاهُ الِاخْتِيَارُ النَّصْبُ لِأَنَّكَ تُرِيدُ: إِنَّا أَكَلْنَا طَعَامَكَ الْأَكْلَ، أَوْلَى بِأَنَّا مِنَ الطَّعَامِ قَالَ: وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ: خَلَقْنَاهُ وَصْفٌ لِلشَّيْءِ فَبَعِيدٌ، لِأَنَّ الْمَعْنَى: إِنَّا خَلَقْنَاهُ كُلَّ شَيْءٍ بِقَدَرٍ، وَهَذَا الْقَوْلُ الثَّانِي أَوْلَى بِالصَّوَابِ عِنْدِي مِنَ الْأَوَّلِ لِلْعِلَلِ الَّتِي ذُكِرَتْ لِصَاحِبِهَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015