القول في تأويل قوله تعالى: إن الله يعلم غيب السموات والأرض والله بصير بما تعملون يقول تعالى ذكره: إن الله أيها الأعراب لا يخفى عليه الصادق منكم من الكاذب، ومن الداخل منكم في ملة الإسلام رغبة فيه، ومن الداخل فيه رهبة من رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ اللَّهَ أَيُّهَا الْأَعْرَابُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ الصَّادِقُ مِنْكُمْ مِنَ الْكَاذِبِ، وَمَنِ الدَّاخِلُ مِنْكُمْ فِي مِلَّةِ الْإِسْلَامِ رَغْبَةً فِيهِ، وَمَنِ الدَّاخِلُ فِيهِ رَهْبَةً مِنْ رَسُولِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجُنْدِهِ، فَلَا تُعَلِّمُونَا دِينَكُمْ وَضَمَائِرَ صُدُورِكُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّهُ ضَمَائِرُ صُدُورِكُمْ، وَتُحَدِّثُونَ بِهِ أَنْفُسَكُمْ، وَيَعْلَمُ مَا غَابَ عَنْكُمْ، فَاسْتَسَرَّ فِي خَبَايَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ {وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [الحجرات: 18] يَقُولُ: وَاللَّهُ ذُو بَصَرٍ بِأَعْمَالِكُمُ الَّتِي تَعْمَلُونَهَا، أَجَهْرًا تَعْمَلُونَ أَمْ سِرًّا، طَاعَةً تَعْمَلُونَ أَوْ مَعْصِيَةً؟ وَهُوَ مُجَازِيكُمْ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ، إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ، وَإِنْ شَرًّا فَشَرٌّ وَكُفْؤُهُ وَ {أَنْ} [البقرة: 25] فِي قَوْلِهِ: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا} [الحجرات: 17] فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِوُقُوعِ يَمُنُّونَ عَلَيْهَا، وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ «يَمُنُّونَ عَلَيْكَ إِسْلَامَهُمْ» ، وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَا، وَلَوْ قِيلَ: هِيَ نَصْبٌ بِمَعْنَى: يَمُنُّونَ عَلَيْكَ لِأَنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015