الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لَّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ} مِنْ شَمْسٍ وَقَمَرٍ وَنُجُومٍ {وَمَا فِي الْأَرْضِ} [البقرة: 255] مِنْ دَابَّةٍ وَشَجَرٍ وَجَبَلٍ وَجَمَادٍ وَسُفُنٍ لِمَنَافِعِكُمْ وَمَصَالِحِكُمْ {جَمِيعًا مِنْهُ} [الجاثية: 13] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: جَمِيعُ مَا ذَكَرْتُ لَكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ مِنْ هَذِهِ النِّعَمِ، نِعَمٌ -[79]- عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْكُمْ، وَفَضْلٌ مِنْهُ تَفَضَّلَ بِهِ عَلَيْكُمْ، فَإِيَّاهُ فَاحْمَدُوا لَا غَيْرَهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَشْرَكْهُ فِي إِنْعَامِ هَذِهِ النِّعَمِ عَلَيْكُمْ شَرِيكٌ، بَلْ تَفَرَّدَ بِإِنْعَامِهَا عَلَيْكُمْ وَجَمِيعُهَا مِنْهُ، وَمِنْ نِعَمِهِ فَلَا تَجْعَلُوا لَهُ فِي شُكْرِكُمْ لَهُ شَرِيكًا بَلْ أَفْرِدُوهُ بِالشُّكْرِ وَالْعِبَادَةِ، وَأَخْلِصُوا لَهُ الْأُلُوهَةَ، فَإِنَّهُ لَا إِلَهَ لَكُمْ سِوَاهُ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ