القول في تأويل قوله تعالى: أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أكثر منهم وأشد قوة وآثارا في الأرض فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون يقول تعالى ذكره: أفلم يسر يا محمد هؤلاء المجادلون في آيات الله من مشركي قومك في البلاد، فإنهم

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [غافر: 82] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: أَفَلَمْ يَسِرْ يَا مُحَمَّدُ هَؤُلَاءِ الْمُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ مِنْ مُشْرِكِي قَوْمِكَ فِي الْبِلَادِ، فَإِنَّهُمْ أَهْلُ سَفَرٍ إِلَى الشَّأْمِ وَالْيَمَنِ رِحْلَتَهُمْ فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ فَيَنْظُرُوا فِيمَا وَطِئُوا مِنَ الْبِلَادِ إِلَى وَقَائِعِنَا بِمَنْ أَوْقَعْنَا بِهِ مِنَ الْأُمَمِ قَبْلَهُمْ، وَيَرَوْا مَا أَحْلَلْنَا بِهِمْ مِنْ بَأْسِنَا بِتَكْذِيبِهِمْ رُسُلَنَا، وَجُحُودِهِمْ آيَاتِنَا، كَيْفَ كَانَ عُقْبَى تَكْذِيبِهِمْ {كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ} [غافر: 82] يَقُولُ: كَانَ أُولَئِكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِ هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِيكَ مِنْ قُرَيْشٍ أَكْثَرَ عَدَدًا مِنْ هَؤُلَاءِ وَأَشَدَّ بَطْشًا، وَأَقْوَى قُوَّةً، وَأَبْقَى فِي الْأَرْضِ آثَارًا، لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَيَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015