وَقَوْلُهُ: {وَالطَّيْرَ} [الأنبياء: 79] وَفِي نَصْبِ الطَّيْرِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ زَيْدٍ مِنْ أَنَّ الطَّيْرَ نُودِيَتْ كَمَا نُودِيَتِ الْجِبَالُ، فَتَكُونُ مَنْصُوبَةً مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا مَعْطُوفَةٌ عَلَى مَرْفُوعٍ، بِمَا لَا يَحْسِنُ إِعَادَةُ رَافِعِهِ عَلَيْهِ، فَيَكُونُ كَالْمَصْدَرِ عَنْ جِهَتِهِ، -[222]- وَالْآخَرُ: فِعْلُ ضَمِيرٍ مَتْرُوكٍ اسْتُغْنِيَ بِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ، فَيَكُونُ مَعْنَى الْكَلَامِ: فَقُلْنَا: يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ، وَسَخَّرْنَا لَهُ الطَّيْرَ وَإِنْ رُفِعَ رَدًّا عَلَى مَا فِي قَوْلِهِ «سَبِّحِي» مِنْ ذِكْرِ الْجِبَالِ كَانَ جَائِزًا وَقَدْ يَجُوزُ رَفْعُ الطَّيْرَ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْجِبَالِ، وَإِنْ لَمْ يَحْسُنْ نِدَاؤُهَا بِالَّذِي نُودِيَتْ بِهِ الْجِبَالُ، فَيَكُونُ ذَلِكَ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الوافر]
أَلَا يَا عَمْرُو وَالضَّحَّاكُ سِيرَا ... فَقَدْ جَاوَزْتُمَا خَمَرَ الطَّرِيقِ