حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ " {وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ} [العنكبوت: 22] قَالَ: لَا يُعْجِزُهُ أَهْلُ الْأَرَضِينَ فِي الْأَرَضِينَ , وَلَا أَهْلُ السَّمَاوَاتِ فِي السَّمَاوَاتِ إِنْ عَصَوْهُ، وَقَرَأَ: {مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} ". -[379]- وَقَالَ فِي ذَلِكَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ: وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ مَنْ فِي الْأَرْضِ وَلَا مَنْ فِي السَّمَاءِ مُعْجِزِينَ قَالَ: وَهُوَ مِنْ غَامِضِ الْعَرَبِيَّةِ لِلضَّمِيرِ الَّذِي لَمْ يَظْهَرْ فِي الثَّانِي. قَالَ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ:
[البحر الوافر]
أَمَنْ يَهْجُو رَسُولَ اللَّهِ مِنْكُمْ ... وَيَمْدَحُهُ وَيَنْصُرُهُ سَوَاءُ؟
أَرَادَ: وَمَنْ يَنْصُرُهُ وَيَمْدَحُهُ، فَأَضْمَرَ (مِنْ) . قَالَ: وَقَدْ يَقَعُ فِي وَهْمِ السَّامِعِ أَنَّ النَّصْرَ وَالْمَدْحَ لِـ (مَنْ) هَذِهِ الظَّاهِرَةِ؛ وَمِثْلُهُ فِي الْكَلَامِ: أَكْرِمْ مَنْ أَتَاكَ وَأَتَى أَبَاكَ، وَأَكْرِمْ مَنْ أَتَاكَ وَلَمْ يَأْتِ زَيْدًا. تُرِيدُ: وَمَنْ لَمْ يَأْتِ زَيْدًا، فَيَكْتَفِي بِاخْتِلَافِ الْأَفْعَالِ مِنْ إِعَادَةِ (مَنْ) ، كَأَنَّهُ قَالَ: أَمَنْ يَهْجُو، وَمَنْ يَمْدَحُهُ، وَمَنْ يَنْصُرُهُ. وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ} [الرعد: 10] . وَهَذَا الْقَوْلُ أَصَحُّ عِنْدِي فِي الْمَعْنَى مِنَ الْقَوْلِ الْآخَرِ، وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: مَعْنَاهُ: وَلَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ، وَلَا أَنْتُمْ لَوْ كُنْتُمْ فِي السَّمَاءِ بِمُعْجِزِينَ , كَانَ مَذْهَبًا.