الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكِ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ} [العنكبوت: 10] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ: أَقْرَرْنَا بِاللَّهِ فَوَحَّدْنَاهُ، فَإِذَا آذَاهُ الْمُشْرِكُونَ فِي إِقْرَارِهِ بِاللَّهِ، جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ إِيَّاهُ فِي الدُّنْيَا، كَعَذَابِ اللَّهِ فِي الْآخِرَةِ، فَارْتَدَّ عَنْ إِيمَانِهِ بِاللَّهِ، رَاجِعًا عَلَى الْكُفْرِ بِهِ {وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ} [العنكبوت: 10] يَا مُحَمَّدُ أَهْلَ الْإِيمَانِ بِهِ {لَيَقُولُنَّ} [النساء: 73] هَؤُلَاءِ الْمُرْتَدُّونَ عَنْ إِيمَانِهِمْ، الْجَاعِلُونَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ: {إِنَّا كُنَّا} [الأعراف: 5] أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ {مَعَكُمْ} [البقرة: 14] نَنْصُرُكُمْ عَلَى أَعْدَائِكُمْ، كَذِبًا وَإِفْكًا. يَقُولُ اللَّهُ: {أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ} [العنكبوت: 10] أَيُّهَا الْقَوْمُ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ {بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ} [العنكبوت: 10] جَمِيعِ خَلْقِهِ الْقَائِلِينَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَغَيْرِهِمْ، فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ ارْتَدَّ عَنْ دَيْنِ اللَّهِ فَكَيْفَ يُخَادِعُ مَنْ كَانَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ، وَلَا يَسْتَتِرُ عَنْهُ سِرٌّ وَلَا عَلَانِيَةٌ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.