الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَفْتُ صِفَتَهُمْ، يُؤْتَوْنَ ثَوَابَ عَمَلِهِمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى الصَّبْرِ الَّذِي وَعَدَ اللَّهُ مَا وَعَدَ عَلَيْهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَعَدَهُمْ مَا وَعَدَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ، بِصَبْرِهِمْ عَلَى الْكِتَابِ الْأَوَّلِ، وَاتِّبَاعِهِمْ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَصَبْرِهِمْ عَلَى ذَلِكَ. وَذَلِكَ قَوْلُ قَتَادَةَ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ قَبْلُ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ وَعَدَهُمْ بِصَبْرِهِمْ بِإِيمَانِهِمْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ، وَبِاتِّبَاعِهِمْ إِيَّاهُ حِينَ بُعِثَ. وَذَلِكَ قَوْلُ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ أَيْضًا قَبْلُ، وَمِمَّنْ وَافَقَ قَتَادَةَ عَلَى قَوْلِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ.