حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثنا أَبُو سُفْيَانَ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: " كَانَ لِفِرْعَوْنَ رَجُلٌ يَنْظُرُ لَهُ وَيُخْبِرُهُ، يَعْنِي أَنَّهُ كَاهِنٌ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّهُ يُولَدُ فِي هَذَا الْعَامِ غُلَامٌ يَذْهَبُ بِمُلْكِكُمْ، فَكَانَ فِرْعَوْنُ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ، وَيَسْتَحْيِي -[155]- نِسَاءَهُمْ حَذَرًا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ {وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ} [القصص: 6] ". وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: {وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ} [القصص: 6] فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْحِجَازِ وَالْبَصْرَةِ وَبَعْضُ الْكُوفِيِّينَ: {وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ} [القصص: 6] بِمَعْنَى: وَنُرِيَ نَحْنُ بِالنُّونِ عَطْفًا بِذَلِكَ عَلَى قَوْلِهِ: {وَنُمَكِّنَ لَهُمْ} [القصص: 6] . وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ: (وَيَرَى فِرْعَوْنُ) عَلَى أَنَّ الْفِعْلَ لِفِرْعَوْنَ، بِمَعْنَى: وَيُعَايِنُ فِرْعَوْنُ، بِالْيَاءِ مِنْ يَرَى، وَرَفْعِ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَالْجُنُودِ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ فِي قُرَّاءِ الْأَمْصَارِ، مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى، قَدْ قَرَأَ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عُلَمَاءُ مِنَ الْقُرَّاءِ، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَهُوَ مُصِيبٌ، لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّ فِرْعَوْنَ لَمْ يَكُنْ لِيَرَى مِنْ مُوسَى مَا رَأَى، إِلَّا بِأَنْ يُرِيَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُ، وَلَمْ يَكُنْ لِيُرِيَهُ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ ذَلِكَ مِنْهُ إِلَّا رَآهُ.