يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ} [البقرة: 150] وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ مِنَ الْبِلَادِ وَالْأَرْضِ إِلَى أَيِّ بُقْعَةٍ شَخَصْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَحَيْثُ كُنْتَ يَا مُحَمَّدُ وَالْمُؤْمِنُونَ، فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ فِي صَلَاتِكُمْ شَطْرَهُ، وَاتَّخِذُوهُ قِبْلَةً لَكُمْ، كَيْلًا يَكُونَ لِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ سِوَى مُشْرِكِي قُرَيْشٍ حُجَّةٌ، وَلِأُتِمَّ بِذَلِكَ مِنْ هِدَايَتِي لَكُمْ إِلَى قِبْلَةِ خَلِيلِي إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ الَّذِي جَعَلْتَهُ إِمَامًا لِلنَّاسِ نِعْمَتِي فَأَكْمَلَ لَكُمْ بِهِ فَضْلِي عَلَيْكُمْ، وَأَتْمَمَ بِهِ شَرَائِعَ مِلَّتِكُمُ الْحَنِيفِيَّةِ الْمُسْلِمَةِ الَّتِي وَصَّيْتُ بِهَا نُوحًا، وَإِبْرَاهِيمَ، وَمُوسَى، وَعِيسَى وَسَائِرَ الْأَنْبِيَاءِ غَيْرَهُمْ -[692]- وَذَلِكَ هُوَ نِعْمَتُهُ الَّتِي أَخْبَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُ مُتِمُّهَا عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ بِهِ مِنْ أَصْحَابِهِ