وقوله: إني جزيتهم اليوم بما صبروا يقول تعالى ذكره: إني أيها المشركون بالله المخلدون في النار، جزيت الذين اتخذتموهم في الدنيا سخريا من أهل الإيمان بي، وكنتم منهم تضحكون اليوم بما صبروا على ما كانوا يلقون بينكم من أذى سخريتكم وضحككم منهم في الدنيا.

وَقَوْلُهُ: {إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا} [المؤمنون: 111] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنِّي أَيُّهَا الْمُشْرِكُونَ بِاللَّهِ الْمُخَلَّدُونَ فِي النَّارِ، جَزَيْتُ الَّذِينَ اتَّخَذْتُمُوهُمْ فِي الدُّنْيَا سُخْرِيًّا مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ بِي، وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ {الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا} [المؤمنون: 111] عَلَى مَا كَانُوا يَلْقَوْنَ بَيْنَكُمْ مِنْ أَذَى سُخْرِيَّتِكُمْ وَضَحِكِكُمْ مِنْهُمْ فِي الدُّنْيَا. {أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ} [المؤمنون: 111] . اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ: «إِنَّهُمْ» فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ وَبَعْضُ أَهْلِ الْكُوفَةِ: {أَنَّهُمْ} [البقرة: 46] بِفَتْحِ الْأَلِفِ مِنْ «أَنَّهُمْ» بِمَعْنَى: جَزَيْتُهُمْ هَذَا فَـ «أَنَّ» فِي قِرَاءَةِ هَؤُلَاءِ: فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِوُقُوعِ قَوْلِهِ: «جَزَيْتُهُمْ» عَلَيْهَا، لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ عِنْدَهُمْ: إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ الْفَوْزَ بِالْجَنَّةِ. وَقَدْ يُحْتَمَلُ النَّصْبُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مُوَجَّهًا مَعْنَاهُ إِلَى: إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا، لِأَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ بِمَا صَبَرُوا فِي الدُّنْيَا عَلَى مَا لَقُوا فِي ذَاتِ اللَّهِ. وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ: { «إِنِّي» } [البقرة: 30] بِكَسْرِ الْأَلِفِ مِنْهَا، بِمَعْنَى الِابْتِدَاءِ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015