القول في تأويل قوله تعالى: فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون يقول تعالى ذكره: فاتخذتم أيها القائلون لربهم ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين في الدنيا، القائلين فيها ربنا آمنا فاغفر لنا

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ} [المؤمنون: 111] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَاتَّخَذْتُمْ أَيُّهَا الْقَائِلُونَ لِرَبِّهِمْ {رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ} [المؤمنون: 106] فِي الدُّنْيَا، الْقَائِلِينَ فِيهَا {رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ} [المؤمنون: 109] سِخْرِيًّا. وَالْهَاءُ وَالْمِيمُ فِي قَوْلِهِ: {فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ} [المؤمنون: 110] مِنْ ذِكْرِ الْفَرِيقِ. وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: {سِخْرِيًّا} [المؤمنون: 110] فَقَرَأَهُ بَعْضُ قُرَّاءِ الْحِجَازِ وَبَعْضُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ: {فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا} [المؤمنون: 110] بِكَسْرِ السِّينِ، وَيَتَأَوَّلُونَ فِي كَسْرِهَا أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ الْهُزْءُ، وَيَقُولُونَ: إِنَّهَا إِذَا ضُمَّتْ فَمَعْنَى الْكَلِمَةِ: السُّخْرَةُ وَالِاسْتِعْبَادُ. فَمَعْنَى الْكَلَامِ عَلَى مَذْهَبِ هَؤُلَاءِ: فَاتَّخَذْتُمْ أَهْلَ الْإِيمَانِ بِي فِي الدُّنْيَا هُزُؤًا وَلَعِبًا، تَهْزَؤُنَ بِهِمْ، حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي. وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَالْكُوفَةِ: (فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سُخْرِيًّا) بِضَمِّ السِّينِ، وَقَالُوا: مَعْنَى الْكَلِمَةِ فِي الضَّمِّ وَالْكَسْرِ وَاحِدٌ. وَحَكَى بَعْضُهُمْ عَنِ الْعَرَبِ سَمَاعًا: لِجِّيُّ , وَلُجِّيُّ، وَدِرِّيُّ، ودُرِّيُّ، مَنْسُوبٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015