القول في تأويل قوله تعالى: صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون يعني تعالى ذكره بالصبغة: صبغة الإسلام، وذلك أن النصارى إذا أرادت أن تنصر أطفالهم جعلتهم في ماء لهم تزعم أن ذلك لها تقديس بمنزلة غسل الجنابة لأهل الإسلام، وأنه صبغة لهم في

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ} [البقرة: 138] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِالصِّبْغَةِ: صَبْغَةَ الْإِسْلَامِ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّصَارَىَ إِذَا أَرَادَتْ أَنْ تُنَصِّرَ أَطْفَالَهُمْ جَعَلَتْهُمْ فِي مَاءٍ لَهُمْ تَزْعُمُ أَنَّ ذَلِكَ لَهَا تَقْدِيسٌ بِمَنْزِلَةِ غَسْلِ الْجَنَابَةِ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ، وَأَنَّهُ صِبْغَةٌ لَهُمْ فِي النَّصْرَانِيَّةِ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ إِذْ قَالُوا لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ: {كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا} [البقرة: 135] قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ: أَيُّهَا الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، بَلِ اتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ صِبْغَةَ اللَّهِ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ الصِّبَغِ، فَإِنَّهَا هِيَ الْحَنِيفِيَّةُ الْمُسْلِمَةُ، وَدَعُوا الشِّرْكَ بِاللَّهِ وَالضَّلَالَ عَنْ مَحَجَّةِ هَدَاهُ. وَنَصَبَ الصِّبْغَةَ مَنْ قَرَأَهَا نَصَبًا عَلَى الرَّدِّ عَلَى الْمِلَّةِ، وَكَذَلِكَ رَفَعَ الصِّبْغَةَ مَنْ رَفَعَ الْمِلَّةَ عَلَى رَدِّهَا عَلَيْهَا. وَقَدْ يَجُوزُ رَفْعُهَا عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ، وَذَلِكَ عَلَى الِابْتِدَاءِ، بِمَعْنَى: هِيَ صِبْغَةُ اللَّهِ. وَقَدْ يَجُوزُ نَصْبُهَا عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الرَّدِّ عَلَى الْمِلَّةِ، وَلَكِنْ عَلَى قَوْلِهِ: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ} [البقرة: 136] إِلَى قَوْلِهِ: {وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة: 133] صِبْغَةَ اللَّهِ، بِمَعْنَى: آمَنَّا هَذَا الْإِيمَانَ، فَيَكُونُ الْإِيمَانُ حِينَئِذٍ هُوَ صِبْغَةُ اللَّهِ. وَبِمِثْلِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيلِ الصِّبْغَةِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015