الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: 137] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ} [البقرة: 137] فَسَيَكْفِيكَ اللَّهُ يَا مُحَمَّدُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ قَالُوا لَكَ وَلِأَصْحَابِكَ: {كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا} [البقرة: 135] مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، إِنْ هُمْ تَوَلَّوْا عَنْ أَنْ يُؤْمِنُوا بِمِثْلِ إِيمَانِ أَصْحَابِكَ بِاللَّهِ، وَبِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ، وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَسَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ غَيْرِهِمْ، وَفَرَّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ، إِمَّا بِقَتْلِ السَّيْفِ، وَإِمَّا بِجَلَاءٍ عَنْ جِوَارِكَ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْعُقُوبَاتِ، فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ لِمَا يَقُولُونَ لَكَ بِأَلْسِنَتِهِمْ وَيُبْدُونَ لَكَ بِأَفْوَاهِهِمْ مِنَ الْجَهْلِ وَالدُّعَاءِ إِلَى الْكُفْرِ وَالْمِلَلِ الضَّالَّةِ، الْعَلِيمُ بِمَا يُبْطِنُونَ لَكَ وَلِأَصْحَابِكَ الْمُؤْمِنِينَ فِي أَنْفُسِهِمْ مِنَ الْحَسَدِ وَالْبَغْضَاءِ. فَفَعَلَ اللَّهُ بِهِمْ ذَلِكَ عَاجِلًا وَأَنْجَزَ وَعْدَهُ، فَكَفَى نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَسْلِيطِهِ إِيَّاهُ عَلَيْهِمْ حَتَّى قَتَلَ بَعْضَهُمْ وَأَجْلَى بَعْضًا وَأَذَلَّ بَعْضًا وَأَخْزَاهُ بِالْجِزْيَةِ وَالصَّغَارِ