حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا} [طه: 125] قَالَ: كَانَ بَعِيدَ الْبَصَرِ، قَصِيرَ النَّظَرِ، أَعْمَى عَنِ الْحَقِّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا، أَنَّ اللَّهَ عَزَّ شَأْنُهُ وَجَلَّ ثَنَاؤُهُ، عَمَّ بِالْخَبَرِ عَنْهُ بِوَصْفِهِ نَفْسُهُ بِالْبَصَرِ، وَلَمْ يُخَصِّصْ مِنْهُ مَعْنًى دُونَ مَعْنًى، فَذَلِكَ عَلَى مَا عَمَّهُ. فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَتَأْوِيلُ الْآيَةِ، قَالَ: رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى عَنْ حُجَّتِي وَرُؤْيَةِ الْأَشْيَاءِ، وَقَدْ كُنْتُ فِي الدُّنْيَا ذَا بَصَرٍ بِذَلِكَ كُلِّهِ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَكَيْفَ قَالَ هَذَا لِرَبِّهِ: {لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى} [طه: 125] مَعَ مُعَايَنَتِهِ عَظِيمَ سُلْطَانِهِ، أَجَهِلَ فِي ذَلِكَ الْمَوْقِفِ أَنْ يَكُونَ لِلَّهِ أَنْ يَفْعَلَ بِهِ مَا شَاءَ، أَمْ مَا وَجْهُ ذَلِكَ؟ قِيلَ: إِنَّ ذَلِكَ مِنْهُ مَسْأَلَةٌ لِرَبِّهِ يُعَرِّفُهُ الْجُرْمَ الَّذِي اسْتَحَقَّ بِهِ ذَلِكَ، إِذْ كَانَ قَدْ جَهِلَهُ، وَظَنَّ أَنْ لَا جُرْمَ لَهُ، اسْتَحَقَّ ذَلِكَ بِهِ مِنْهُ، فَقَالَ: رَبِّ لِأَيِّ ذَنْبٍ وَلِأَيِّ جُرْمٍ حَشَرْتَنِي أَعْمَى، وَقَدْ كُنْتُ مِنْ قَبْلُ فِي الدُّنْيَا بَصِيرًا وَأَنْتَ لَا تُعَاقِبُ أَحَدًا إِلَّا بِدُونِ مَا يَسْتَحِقُّ مِنْكَ مِنَ الْعِقَابِ