القول في تأويل قوله تعالى: أولئك الذين طبع الله على قلوبهم، وسمعهم، وأبصارهم، وأولئك هم الغافلون. لا جرم أنهم في الآخرة هم الخاسرون يقول تعالى ذكره: هؤلاء المشركون الذين وصفت لكم صفتهم في هذه الآيات أيها الناس، هم القوم الذين طبع الله على قلوبهم،

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ، وَسَمْعِهِمْ، وَأَبْصَارِهِمْ، وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ. لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرونَ} [النحل: 109] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ وَصَفْتُ لَكُمْ صِفَتَهُمْ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ أَيُّهَا النَّاسُ، هُمُ الْقَوْمُ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ، فَخَتَمَ عَلَيْهَا بِطَابَعِهِ، فَلَا يُؤْمِنُونَ وَلَا يَهْتَدُونَ، وَأَصَمَّ أَسْمَاعَهُمْ فَلَا يَسْمَعُونَ دَاعِيَ اللَّهِ إِلَى الْهُدَى، -[377]- وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ فَلَا يُبْصِرُونَ بِهَا حُجَجَ اللَّهِ إِبْصَارَ مُعْتَبِرٍ وَمُتَّعِظٍ {وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [النحل: 108] يَقُولُ: وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ جَعَلَ اللَّهُ فِيهِمْ هَذِهِ الْأَفْعَالِ هُمُ السَّاهُونَ عَمَّا أَعَدَّ اللَّهُ لِأَمْثَالِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ وَعَمَّا يُرَادُ بِهِمْ. وَقَوْلُهُ: {لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [النحل: 109] الْهَالِكُونَ، الَّذِينَ غَبَنُوا أَنْفُسَهُمْ حُظُوظَهَا مِنْ كَرَامَةِ اللَّهِ تَعَالَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015