الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قَوْمِكَ يَا مُحَمَّدُ الْعَذَابَ، فَلَمْ نُعَجِّلْهُ لَهُمْ، وَأَنْسَأْنَا فِي آجَالِهِمْ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ، وَوَقْتٍ مَحْدُودٍ وَسِنِينَ مَعْلُومَةٍ. وَأَصْلُ الْأُمَّةِ مَا قَدْ بَيَّنَّا فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابِنَا هَذَا أَنَّهَا الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ تَجْتَمِعُ عَلَى مَذْهَبٍ وَدِينٍ، ثُمَّ تُسْتَعْمَلُ فِي مُعَانٍ كَثِيرَةٍ تَرْجِعُ إِلَى مَعْنَى الْأَصْلِ الَّذِي ذَكَرْتُ. وَإِنَّمَا قِيلَ لِلْسِنِينَ الْمَعْدُودَةِ وَالْحِينِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَنَحْوِهِ أُمَّةٌ، لِأَنَّ فِيهَا تَكُونُ الْأُمَّةُ. وَإِنَّمَا مَعْنَى الْكَلَامِ: وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى مَجِيءِ أُمَّةٍ