وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْضُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ: «يَهِدِّي» بِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْهَاءِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ، بِنَحْوِ مَا قَصَدَهُ قُرَّاءُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ؛ غَيْرَ أَنَّهُ كُسِرَ الْهَاءُ لِكَسْرَةِ الدَّالِ مِنْ «يَهْتَدِي» اسْتِثْقَالًا لِلْفَتْحَةِ بَعْدَهَا كَسْرَةِ فِي حَرْفٍ وَاحِدٍ. وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْضُ عَامَّةِ قُرَّاءِ الْكُوفِيِّينَ: «أَمْ مَنْ لَا يَهْدِي» بِتَسْكِينِ الْهَاءِ وَتَخْفِيفِ الدَّالِ، وَقَالُوا: إِنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ: هُدِيتَ بِمَعْنَى اهْتَدَيْتَ، قَالُوا: فَمَعْنَى قَوْلِهِ: {أَمَّنْ لَا يَهِدِّي} [يونس: 35] أَمْ مَنْ لَا يَهْتَدِي {إِلَّا أَنْ يُهْدَى} [يونس: 35] وَأَوْلَى الْقِرَاءَةِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ: «أَمْ مَنْ لَا يَهَدِّي» بِفَتْحِ الْهَاءِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ، لِمَا وَصَفْنَا مِنَ الْعِلَّةِ لِقَارِئِ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَدْفَعُ صِحَّتَهُ ذُو عِلْمٍ بِكَلَامِ الْعَرَبِ، وَفِيهِمُ الْمُنْكَرُ غَيْرُهُ، وَأَحَقُّ الْكَلَامِ أَنْ يُقْرَأَ بِأَفْصَحِ اللُّغَاتِ الَّتِي نَزَلَ بِهَا كَلَامُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى. فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ إِذًا: أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ، أَمْ مَنْ لَا يَهْتَدِي إِلَى شَيْءٍ إِلَّا أَنْ يُهْدَى. وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ التَّأْوِيلِ يَزْعُمُ أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ: أَمْ مَنْ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَنْتَقِلَ عَنْ مَكَانِهِ إِلَّا أَنْ يُنْقَلَ. وَكَانَ مُجَاهِدٌ يَقُولُ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ مَا