آلِهَتَهُمْ وَأَوْثَانَهُمْ تَرْشُدُ ضَالًّا أَوْ تَهْدِي حَائِرًا. وَذَلِكَ أَنَّهُمْ إِنِ ادَّعُوا ذَلِكَ لَهَا أَكْذَبَتْهُمُ الْمُشَاهَدَةُ وَأَبَانَ عَجْزَهَا عَنْ ذَلِكَ الِاخْتِبَارِ بِالْمُعَايَنَةِ، فَإِذَا قَالُوا لَا وَأَقَرُّوا بِذَلِكَ، فَقُلْ لَهُمْ. فَاللَّهُ يَهْدِي الضَّالَّ عَنِ الْهُدَى إِلَى الْحَقِّ. {أَفَمَنْ يَهْدِي} [يونس: 35] أَيُّهَا الْقَوْمُ ضَالًّا {إِلَى الْحَقِّ} [يونس: 35] وَجَائِرًا عَنِ الرُّشْدِ إِلَى الرُّشْدِ، {أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ} [يونس: 35] إِلَى مَا يَدْعُو إِلَيْهِ {أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى} [يونس: 35] وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ. فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ: «أَمْ مَنْ لَا يَهْدِّي» بِتَسْكِينِ الْهَاءِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ، فَجَمَعُوا بَيْنَ سَاكِنَيْنِ. وَكَأَنَّ الَّذِي دَعَاهُمْ إِلَى ذَلِكَ أَنَّهُمْ وَجَّهُوَا أَصْلَ الْكَلِمَةِ إِلَى أَنَّهُ: أَمْ مَنْ لَا يَهْتَدِي، وَوَجَدُوهُ فِي خَطِّ الْمُصْحَفِ بِغَيْرِ مَا قَرَّرُوا وَأَنَّ التَّاءَ حُذِفَتْ لَمَّا أُدْغِمَتْ فِي الدَّالِ، فَأَقَرُّوا الْهَاءَ سَاكِنَةً عَلَى أَصْلِهَا الَّذِي كَانَتْ عَلَيْهِ، وَشَدَّدُوا الدَّالَ طَلَبًا لِإِدْغَامِ التَّاءِ فِيهَا، فَاجْتَمَعَ بِذَلِكَ سُكُونُ الْهَاءِ وَالدَّالِ. وَكَذَلِكَ فَعَلُوا فِي قَوْلِهِ: {وَقُلْنَا لَهُمْ لَا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ} [النساء: 154] وَفِي قَوْلِهِ: {يَخِصِّمُونَ} [يس: 49] وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْضُ قُرَّاءِ أَهْلِ مَكَّةَ وَالشَّامِ وَالْبَصْرَةِ: «يَهَدِّي» بِفَتْحِ الْهَاءِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ. وَأَمُّوا مَا أَمَّهُ الْمَدَنِيُّونَ مِنَ الْكَلِمَةِ غَيْرَ أَنَّهُمْ نَقَلُوا حَرَكَةَ التَّاءِ مِنْ «يَهْتَدِي» إِلَى الْهَاءِ السَّاكِنَةِ، فَحَرَّكُوا بِحَرَكَتِهَا وَأَدْغَمُوا التَّاءَ فِي الدَّالِ فَشَدَّدُوهَا.