وَذَلِكَ مَا: حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي حَمَّادٍ، قَالَ: ثنا بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ: " (وَجَاءَ الْمُعْذِرُونَ) مُخَفَّفَةً، وَيَقُولُ: هُمْ أَهْلُ الْعُذْرِ " مَعَ مُوَافَقَةِ مُجَاهِدٍ إِيَّاهُ وَغَيْرِهِ عَلَيْهِ؟ قِيلَ: إِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ عَلَى غَيْرِ مَا ذَهَبْتَ إِلَيْهِ، وَإِنَّ مَعْنَاهُ: وَجَاءَ الْمُعْتَذِرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ، وَلَكِنِ التَّاءُ لَمَّا جَاوَرَتِ الذَّالَ أُدْغِمَتْ فِيهَا، فَصِيرَتَا ذَالًا مُشَدَّدَةً لِتَقَارُبِ مَخْرَجِ إِحْدَاهُمَا مِنَ الْأُخْرَى، كَمَا قِيلَ: يَذَّكَّرُونَ فِي يَتَذَكَّرُونَ، وَيَذَّكَّرُ فِي يَتَذَكَّرُ. وَخَرَجَتِ الْعَيْنُ مِنَ الْمُعَذَّرِينَ إِلَى الْفَتْحِ؛ لِأَنَّ حَرَكَةَ التَّاءِ مِنَ الْمُعْتَذِرِينَ وَهِيَ الْفَتْحَةُ نُقِلَتْ إِلَيْهَا فَحُرِّكَتْ بِمَا كَانَتْ بِهِ مُحَرَّكَةً، وَالْعَرَبُ قَدْ تُوَجِّهُ فِي مَعْنَى الِاعْتِذَارِ إِلَى الْإِعْذَارِ، فَتَقُولُ: قَدِ اعْتَذَرَ فُلَانٌ -[621]- فِي كَذَا، يَعْنِي: أَعْذَرَ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ لَبِيدٍ:
[البحر الطويل]
إِلَى الْحَوْلِ ثُمَّ اسْمُ السَّلَامِ عَلَيْكُمَا ... وَمَنْ يَبْكِ حَوْلًا كَامِلًا فَقَدِ اعْتَذَرْ
فَقَالَ: فَقَدِ اعْتَذَرَ، بِمَعْنَى: فَقَدْ أَعْذَرَ. عَلَى أَنَّ أَهْلَ التَّأْوِيلِ، قَدِ اخْتَلَفُوا فِي صِفَةِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ وَصَفَهُمُ اللَّهُ بِأَنَّهُمْ جَاءُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَذَّرِينَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانُوا كَاذِبِينَ فِي اعْتِذَارِهِمْ، فَلَمْ يُعْذِرْهُمُ اللَّهُ