الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ} [الأنفال: 56] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا، الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ يَا مُحَمَّدُ، يَقُولُ: أَخَذْتَ عُهُودَهُمْ وَمَوَاثِيقَهُمْ أَنْ لَا يُحَارِبُوكَ وَلَا يُظَاهِرُوا عَلَيْكَ مُحَارِبًا لَكَ كَقُرَيْظَةَ وَنُظَرَائِهِمْ مِمَّنْ كَانَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ عَهْدٌ وَعَقْدٌ، ثُمَّ يَنْقُضُونَ عُهُودَهُمْ وَمَوَاثِيقَهُمْ، كُلَّمَا عَاهَدُوا دَافَعُوكَ وَحَارَبُوكَ وَظَاهَرُوا عَلَيْكَ، وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ اللَّهَ وَلَا يَخَافُونَ فِي فِعْلِهِمْ ذَلِكَ أَنْ يُوقِعَ بِهِمْ وَقْعَةً تَجْتَاحَهُمْ وَتُهْلِكُهُمْ