القول في تأويل قوله تعالى: كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآيات ربهم فأهلكناهم بذنوبهم وأغرقنا آل فرعون وكل كانوا ظالمين يقول تعالى ذكره: غير هؤلاء المشركون بالله المقتولون ببدر نعمة ربهم التي أنعم بها عليهم، بابتعاثه محمدا منهم وبين أظهرهم،

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ} [الأنفال: 54] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: غَيَّرَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ بِاللَّهِ الْمَقْتُولُونَ بِبَدْرٍ نِعْمَةَ رَبِّهِمُ الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْهِمْ، بِابْتِعَاثِهِ مُحَمَّدًا مِنْهُمْ وَبَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، دَاعِيًا لَهُمْ إِلَى الْهُدَى، بِتَكْذِيبِهِمْ إِيَّاهُ وَحَرْبِهِمْ لَهُ. {كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ} [آل عمران: 11] كَسُنَّةِ آلِ فِرْعَوْنَ وَعَادَتِهِمْ، وَفِعْلِهِمْ بِمُوسَى نَبِيِّ اللَّهِ فِي تَكْذِيبِهِمْ إِيَّاهُ، وَتَصَدِّيهِمْ لِحَرْبِهِ وَعَادَةِ مَنْ قَبْلَهُمْ مِنَ الْأُمَمِ الْمُكَذِّبَةِ رُسُلَهَا وَصَنِيعِهِمْ. {فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ} [الأنعام: 6] بَعْضًا بِالرَّجْفَةِ، وَبَعْضًا بِالْخَسْفِ، وَبَعْضًا بِالرِّيحِ. {وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ} [البقرة: 50] فِي الْيَمِّ. {وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ} [الأنفال: 54] يَقُولُ: كُلُّ هَؤُلَاءِ الْأُمَمِ الَّتِي أَهْلَكْنَاهَا كَانُوا فَاعِلِينَ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِعْلُهُ مِنْ تَكْذِيبِهِمْ رُسُلَ اللَّهِ وَالْجُحُودِ لِآيَاتِهِ، فَكَذَلِكَ أَهْلَكْنَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَهْلَكْنَاهُمْ بِبَدْرٍ؛ إِذْ غَيَّرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عِنْدَهُمْ بِالْقَتْلِ بِالسَّيْفِ، وَأَذْلَلْنَا بَعْضَهُمْ بِالْإِسَارِ وَالسِّبَاءِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015