القول في تأويل قوله تعالى: الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون يعني تعالى ذكره بقوله: الذين خسروا أنفسهم: العادلين به الأوثان والأصنام، يقول تعالى ذكره: ليجمعن الله الذين خسروا أنفسهم، يقول: الذين أهلكوا أنفسهم وغبنوها بادعائهم لله الند والعديل،

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [الأنعام: 12] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: {الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ} [الأنعام: 12] : الْعَادِلِينَ بِهِ الْأَوْثَانَ وَالْأَصْنَامَ، يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: لَيَجْمَعَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ، يَقُولُ: الَّذِينَ أَهْلَكُوا أَنْفُسَهُمْ وَغَبَنُوهَا بِادِّعَائِهِمْ لِلَّهِ النِّدَّ وَالْعَدِيلَ، فَأَبْقَوْهَا بِإِيجَابِهِمْ سَخَطَ اللَّهِ وَأَلِيمِ عِقَابِهِ فِي الْمَعَادِ. وَأَصْلُ الْخَسَارِ: الْغَبْنُ، يُقَالُ مِنْهُ: خَسِرَ الرَّجُلُ فِي الْبَيْعِ: إِذَا غُبِنَ، كَمَا قَالَ الْأَعْشَى:

[البحر السريع]

لَا يَأْخُذُ الرِّشْوَةَ فِي حُكْمِهِ ... وَلَا يُبَالِي خَسَرَ الْخَاسِرِ

وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ. وَمَوْضِعُ (الَّذِينَ) فِي قَوْلِهِ: {الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ} [الأنعام: 12] نَصْبٌ عَلَى الرَّدِّ عَلَى الْكَافِ وَالْمِيمِ فِي قَوْلِهِ: {لَيَجْمَعَنَّكُمْ} [النساء: 87] عَلَى وَجْهِ الْبَيَانِ عَنْهَا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015