حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمُحَارِبِيُّ , قَالَ: ثنا أَبُو مَالِكٍ الْجَنْبِيُّ , عَنْ مُسْلِمٍ , عَنْ حَبَّةَ الْعُرَنِيِّ , قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ شَرِبَ فِي الرَّحَبَةِ قَائِمًا , ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى نَعْلَيْهِ , وَقَالَ: هَذَا وُضُوءُ مَنْ لَمْ يُحْدِثْ , هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَنَعَ " فَقَدْ أَنْبَأَ هَذَا الْخَبَرُ عَنْ صِحَّةِ مَا قُلْنَا فِي مَعْنَى حَدِيثِ أَوْسٍ. فَإِنْ قَالَ: فَإِنَّ حَدِيثَ أَوْسٍ , وَإِنْ كَانَ مُحْتَمِلًا مِنَ الْمَعْنَى مَا قُلْتَ , فَإِنَّهُ مُحْتَمِلٌ أَيْضًا مَا قَالَهُ مَنْ قَالَ: أَنَّهُ مَعْنِيٌّ بِهِ الْمَسْحُ عَلَى النَّعْلَيْنِ أَوِ الْقَدَمَيْنِ فِي وُضُوءٍ تَوَضَّأَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدَثٍ؟ قِيلَ: أَحْسَنُ حَالَاتِ الْخَبَرِ , مَا احْتَمَلَ مَا قُلْتَ , إِنْ سَلِمَ لَهُ مَا ادَّعَى مِنِ احْتِمَالِهِ -[210]- مَا ذَكَرَ مِنَ الْمَسْحِ عَلَى الْقَدَمِ أَوِ النَّعْلِ بَعْدَ الْحَدَثِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ غَيْرَ مُحْتَمِلِهِ عِنْدَنَا , إِذْ كَانَ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ تَكُونَ فَرَائِضُ اللَّهِ وسُنَنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَنَافِيَةً مُتَعَارِضَةً , وَقَدْ صَحَّ عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَمْرُ بِعُمُومِ غُسْلِ الْقَدَمَيْنِ فِي الْوُضُوءِ بِالْمَاءِ بِالنَّقْلِ الْمُسْتَفِيضِ الْقَاطِعِ عُذْرَ مَنِ انْتَهَى إِلَيْهِ وَبَلَغَهُ. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ عَنْهُ صَحِيحًا , فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا عَنْهُ إِبَاحَةُ تَرْكِ غُسْلِ بَعْضِ مَا قَدْ أَوْجَبَ فَرْضًا غُسْلَهُ فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ وَوَقْتٍ وَاحِدٍ , لِأَنَّ ذَلِكَ إِيجَابُ فَرْضٍ وَإِبْطَالُهُ فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ , وَذَلِكَ عَنْ أَحْكَامِ اللَّهِ وَأَحْكَامِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْتَفٍ. غَيْرَ أَنَّا إِذَا سَلَّمْنَا لِمَنِ ادَّعَى فِي حَدِيثِ أَوْسٍ مَا ادَّعَى مِنِ احْتِمَالِهِ مَسْحَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَدَمِهِ فِي حَالِ وُضُوءٍ مَنْ حَدَثٍ , فَفِيهِ نَبَأٌ بِالْفَلْجِ عَلَيْهِ , فَإِنَّهُ لَا حُجَّةَ لَهُ فِي ذَلِكَ. قلْنَا: فَإِذَا كَانَ مُحْتَمِلًا مَا ادَّعَيْتَ , أَفَمُحْتَمِلٌ هُوَ مَا قُلْنَاهُ إِنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَالِ وُضُوئِهِ لَا مَنْ حَدَثٍ. فَإِنْ قَالَ: لَا , ثَبَتَتْ مُكَابَرَتُهُ لِأَنَّهُ لَا بَيَانَ فِي خَبَرِ أَوْسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ ذَلِكَ فِي وُضُوءٍ مَنْ حَدَثٍ , وَإِنْ قَالَ: بَلْ هُوَ مُحْتَمِلٌ مَا قُلْتَ وَمُحْتَمِلٌ مَا قُلْنَا؛ قِيلَ لَهُ: فَمَا الْبُرْهَانُ عَلَى أَنَّ تَأْوِيلَكَ الَّذِي ادَّعَيْتَ فِيهِ أَوْلَى بِهِ مِنْ تَأْوِيلِنَا؟ فَلَنْ يَدَّعِي بُرْهَانًا عَلَى صِحَّةِ دَعْوَاهُ فِي ذَلِكَ إِلَّا عُورِضَ بِمِثْلِهِ فِي خِلَافِ دَعْوَاهُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015