فَلِذَلِكَ نَصَبَ غَيْرَ لِخُرُوجِهَا مِنَ الِاسْمِ الَّذِي فِي قَوْلِهِ: {فَمَنِ اضْطُرَّ} [البقرة: 173] وَبِمَعْنَى لَا , فَنُصِبَ بِالْمَعْنَى الَّذِي كَانَ بِهِ مَنْصُوبًا الْمُتَجَانِفُ لَوْ جَاءَ الْكَلَامُ: لَا مُتَجَانِفًا. وَأَمَّا الْمُتَجَانِفُ لِلْإِثْمِ , فَإِنَّهُ الْمُتَمَايِلُ لَهُ , الْمُنْحَرِفُ إِلَيْهِ , وَهُوَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مُرَادٌ بِهِ الْمُتَعَمِّدُ لَهُ الْقَاصِدُ إِلَيْهِ , مِنْ جَنَفَ الْقَوْمُ عَلَيَّ إِذَا مَالُوا , وَكُلُّ أَعْوَجَ فَهُوَ أَجْنَفُ عِنْدَ الْعَرَبِ وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الْجَنَفِ بِشَوَاهِدِهِ فِي قَوْلِهِ: {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصِ جَنَفًا} [البقرة: 182] بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ. وَأَمَّا تَجَانُفُ آكِلِ الْمَيْتَةِ فِي أَكْلِهَا وَفِي غَيْرِهَا مِمَّا حَرَّمَ اللَّهُ أَكْلَهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ بِهَذِهِ الْآيَةِ لِلْإِثْمِ فِي حَالِ أَكْلِهِ , فَهُوَ تَعَمُّدُهُ الْأَكْلَ لِغَيْرِ دَفْعِ الضَّرُورَةِ النَّازِلَةِ بِهِ , وَلَكِنْ لِمَعْصِيَةِ اللَّهِ وَخِلَافِ أَمْرِهِ فِيمَا أَمَرَهُ بِهِ مِنْ تَرْكِ أَكْلِ ذَلِكَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ