عَنِ التَّقَلُّدِ أَوِ اتِّخَاذِ الْقَلَائِدَ مِنْ شَيْءٍ؛ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: وَلَا تُحِلُّوا الْقَلَائِدَ. فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ بِتَأْوِيلِهِ أَوْلَى , فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ نَهْي مِنَ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ عَنِ اسْتِحْلَالِ حُرْمَةِ الْمُقَلَّدِ هَدْيًا كَانَ ذَلِكَ أَوْ إِنْسَانًا , دُونَ حُرْمَةِ الْقِلَادَةِ؛ وَأَنَّ اللَّهَ عَزَّ ذِكْرُهُ إِنَّمَا دَلَّ بِتَحْرِيمِهِ حُرْمَةَ الْقِلَادَةِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ حُرْمَةِ الْمُقَلَّدِ , فَاجْتَزَأَ بِذِكْرِهِ الْقَلَائِدَ مِنْ ذِكْرِ الْمُقَلَّدِ , إِذْ كَانَ مَفْهُومًا عِنْدَ الْمُخَاطَبِينَ بِذَلِكَ مَعْنَى مَا أُرِيدَ بِهِ " فَمَعْنَى الْآيَةِ إِذْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا وَصَفْنَا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ , وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ , وَلَا الْهَدْيَ , وَلَا الْمُقَلَّدَ بِقِسْمَيْهِ بِقَلَائِدِ الْحَرَمِ " وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ فِي شِعْرِهِ مَا ذَكَرْنَا عَمَّنْ تَأَوَّلَ الْقَلَائِدَ أَنَّهَا قَلَائِدُ لِحَاءِ شَجَرِ الْحَرَمِ الَّذِي كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَتَقَلَّدُونَهُ , فَقَالَ وَهُوَ يَعِيبُ رَجُلَيْنِ قَتَلَا رَجُلَيْنِ كَانَا تَقَلَّدَا ذَلِكَ:
[البحر الطويل]
أَلَمْ تَقْتُلَا الْحِرْجَيْنِ إِذْ أَعْوَرَاكُمَا ... يُمِرَّانِ بِالْأَيْدِي اللِّحَاءَ الْمُضَفَّرَا
وَالْحِرْجَانِ: الْمَقْتُولَانِ كَذَلِكَ. وَمَعْنَى قَوْلِهِ: أَعْوَرَاكَمَا: أَمْكَنَاكُمَا مِنْ عَوْرَتِهِمَا "