القول في تأويل قوله تعالى: فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله وأما الذين استنكفوا واستكبروا فيعذبهم عذابا أليما ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا يعني جل ثناؤه بذلك: فأما المؤمنون المقرون بوحدانية الله , الخاضعون له

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا} [النساء: 173] يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِذَلِكَ: فَأَمَّا الْمُؤْمِنُونَ الْمُقِرُّونَ بِوَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ , الْخَاضِعُونَ لَهُ بِالطَّاعَةِ , الْمُتَذَلِّلُونَ لَهُ بِالْعُبُودِيَّةِ , وَالْعَامِلُونَ الصَّالِحَاتِ مِنَ الْأَعْمَالِ , وَذَلِكَ أَنْ يَرُدُّوا عَلَى رَبِّهِمْ , قَدْ آمَنُوا بِهِ وَبِرُسُلِهِ , وَعَمِلُوا بِمَا أَتَاهُمْ بِهِ رُسُلُهُ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِمْ , مِنْ فِعْلِ مَا أَمَرَهُمْ بِهِ , وَاجْتِنَابِ مَا أَمَرَهُمْ بِاجْتِنَابِهِ {فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ} [آل عمران: 57] يَقُولُ: " فَيُؤْتِيهِمْ جَزَاءَ أَعْمَالِهِمُ الصَّالِحَةِ وَافِيًا تَامًّا. {وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء: 173] يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَيَزِيدُهُمْ عَلَى مَا وَعَدَهُمْ مِنَ الْجَزَاءِ عَلَى أَعْمَالِهِمُ الصَّالِحَةِ وَالثَّوَابِ عَلَيْهَا مِنَ الْفَضْلِ وَالزِّيَادَةِ مَا لَمْ يُعَرِّفْهُمْ مَبْلَغَهُ وَلَمْ يَحُدَّ لَهُمْ مُنْتَهَاهُ. وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ وَعَدَ مَنْ جَاءَ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ بِالْحَسَنَةِ الْوَاحِدَةِ عَشْرَ أَمْثَالِهَا مِنَ الثَّوَابِ وَالْجَزَاءِ , فَذَلِكَ هُوَ أَجْرُ كُلِّ عَامِلٍ عَلَى عَمَلِهِ الصَّالِحِ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ الْمَحْدُودِ مَبْلَغُهُ , وَالزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ تَفَضُّلٌ مِنَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ , وَإِنْ كَانَ كُلُّ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى عِبَادِهِ؛ غَيْرَ أَنَّ الَّذِيَ وَعَدَ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يُوَفِّيَهُمْ فَلَا يُنْقِصَهُمْ مِنَ الثَّوَابِ عَلَى أَعْمَالِهِمُ الصَّالِحَةِ , هُوَ مَا حَدَّ مَبْلَغَهُ مِنَ الْعَشْرِ , وَالزِّيَادَةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015