خَيْرًا لَكُمْ} [النساء: 171] يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ} [آل عمران: 179] فَصَدِّقُوا يَا أَهْلَ الْكِتَابِ بِوَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ وَرُبُوبِيَّتِهِ , وَأَنَّهُ لَا وَلَدَ لَهُ , وَصَدِّقُوا رُسُلَهُ فِيمَا جَاءُوكُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ , وَفِيمَا أَخْبَرْتُكُمْ بِهِ أَنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ لَا شَرِيكَ لَهُ , وَلَا صَاحِبَةَ لَهُ , وَلَا وَلَدَ لَهُ. {وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ} [النساء: 171] يَعْنِي: وَلَا تَقُولُوا الْأَرْبَابُ ثَلَاثَةٌ. ورُفِعَتِ الثَّلَاثَةُ بِمَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ الظَّاهِرُ , وَهُوَ هُمْ. وَمَعْنَى الْكَلَامِ: وَلَا تَقُولُوا هُمْ ثَلَاثَةٌ. وَإِنَّمَا جَازَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْقَوْلَ حِكَايَةٌ , وَالْعَرَبُ تَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الْحِكَايَةِ , وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ: {سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ} [الكهف: 22] وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا وَرَدَ مِنْ مَرْفُوعٍ بَعْدَ الْقَوْلِ لَا رَافِعَ مَعَهُ , فَفِيهِ إِضْمَارُ اسْمٍ رَافِعٍ لِذَلِكَ الِاسْمِ. ثُمَّ قَالَ لَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ مُتَوَعِّدًا لَهُمْ فِي قَوْلِهِمُ الْعَظِيمِ الَّذِي قَالُوهُ فِي اللَّهِ: انْتَهُوا أَيُّهَا الْقَائِلُونَ اللَّهُ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ عَمَّا تَقُولُونَ مِنَ الزُّورِ وَالشَّكِّ بِاللَّهِ , فَإِنَّ الِانْتِهَاءَ عَنْ ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ قِيلِهِ , لِمَا لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْعِقَابِ الْعَاجِلِ لَكُمْ عَلَى قِيلِكُمْ ذَلِكَ , إِنْ أَقَمْتُمْ عَلَيْهِ وَلَمْ تُنِيبُوا إِلَى الْحَقِّ الَّذِي أَمَرْتُكُمْ بِالْإِنَابَةِ إِلَيْهِ وَالْأَجَلِ فِي مَعَادِكُمْ