ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ , قَالَ: ثنا يَزِيدُ , قَالَ: ثنا سَعِيدٌ , عَنْ قَتَادَةَ: {فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء: 46] " لَمَّا تَرَكَ الْقَوْمُ أَمْرَ اللَّهِ , وَقَتَلُوا رُسُلَهُ , وَكَفَرُوا بِآيَاتِهِ , وَنَقَضُوا الْمِيثَاقَ الَّذِي أُخِذَ عَلَيْهِمْ {طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ} [النساء: 155] وَلَعَنَهُمْ " وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ هُوَ مُوَاصِلٌ لِمَا قَبْلَهُ؛ قَالُوا: وَمَعْنَى الْكَلَامِ: فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ , فَبِنَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ , وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ , وَبِقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَبِكَذَا وَكَذَا أَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ , قَالُوا: فَتَبِعَ الْكَلَامُ بَعْضُهُ بَعْضًا , وَمَعْنَاهُ مَرْدُودٌ إِلَى أَوَّلِهِ , وَتَفْسِيرُ ظُلْمِهِمُ الَّذِي أَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ مِنْ أَجْلِهِ بِمَا فَسَّرَ بِهِ تَعَالَى ذِكْرَهُ مِنْ نَقْضِهِمُ الْمِيثَاقَ , وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ , وَسَائِرِ مَا بَيَّنَ مِنْ أَمْرِهِمُ الَّذِي ظَلَمُوا فِيهِ أَنْفُسَهُمْ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ} [النساء: 155] وَمَا بَعْدَهُ مُنْفَصِلٌ مَعْنَاهُ مِنْ مَعْنَى مَا قَبْلَهُ؛ وَأَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ: فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ , وَبِكَذَا وَبِكَذَا , لَعَنَّاهُمْ وَغَضِبْنَا عَلَيْهِمْ , فَتَرَكَ ذِكْرَ لَعَنَّاهُمْ لِدَلَالَةِ قَوْلِهِ: {بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ} [النساء: 155] عَلَى مَعْنَى ذَلِكَ , إِذْ كَانَ مَنْ طُبِعَ عَلَى قَلْبِهِ فَقَدْ لُعَنَ وَسُخِطَ عَلَيْهِ. وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ , لِأَنَّ الَّذِينَ أَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ إِنَّمَا كَانُوا عَلَى عَهْدِ مُوسَى وَالَّذِينَ قَتَلُوا الْأَنْبِيَاءَ وَالَّذِينَ رَمَوْا مَرْيَمَ بِالْبُهْتَانِ الْعَظِيمِ , وَقَالُوا: قَتَلْنَا الْمَسِيحَ , كَانُوا بَعْدَ مُوسَى بِدَهْرٍ طَوِيلٍ , وَلَمْ يُدْرِكِ الَّذِينَ رَمَوْا مَرْيَمَ بِالْبُهْتَانِ الْعَظِيمِ زَمَانَ مُوسَى وَلَا مَنْ صُعِقَ مِنْ قَوْمِهِ , وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَمَعْلُومٌ أَنَّ الَّذِينَ أَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ لَمْ تَأْخُذْهُمْ -[649]- عُقُوبَةً لِرَمْيِهِمْ مَرْيَمَ بِالْبُهْتَانِ الْعَظِيمِ , وَلَا لِقَوْلِهِمْ: إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ. وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَبَيِّنٌ أَنَّ الْقَوْمَ الَّذِينَ قَالُوا هَذِهِ الْمَقَالَةَ , غَيْرُ الَّذِينَ عُوقِبُوا بِالصَّاعِقَةِ. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , كَانَ بَيِّنًا انْفِصَالُ مَعْنَى قَوْلِهِ: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ} [النساء: 155] مِنْ مَعْنَى قَوْلِهِ: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ} [النساء: 153]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015